تغزو الأسواق العالمية، لحساب الملاك الرأسماليين، ولم تظهر خلال ذلك الأعراض التي ظهرت في انكلترا في القرنين الخامس عشر والسادس عشر، التي درسها ماركس في تحليله التاريخي للرأسمالية.
ولنأخذ مثلا آخر: الإنتاج الرأسمالي في اليابان، التي بدأت في القرن التاسع عشر تتحول من الأوضاع الاقطاعية إلى الرأسمالية الصناعية. ونختار هذا المثال بالذات، لأن ماركس أشار في كلامه إشارة عابرة إلى:
(ان اليابان بتنظيمها الإقطاعي البحت للملكية العقارية وللزراعة الصغيرة فيها، تقم لنا من وجهات عديدة، صورة أكثر أمانة عن العصور الوسطى الأوربية، من تلك التي تقدمها كتب التاريخ عندنا، المشبعة بأفكار بورجوازية مستبقة) (1).
فلنفحص هذه الصورة الأمينة للإقطاع: كيف تحولت إلى الرأسمالية الصناعية؟، وهل يتفق تحولها مع مفاهيم المادية التاريخية وتفاسير ماركس لنشوء الرأسمالية الصناعية؟.
إن اليابان كانت غارقة في العلاقات الاقطاعية، حين استيقظت مذعورة على أجراس الخطر التي كانت تنذر اليابان بخطر خارجي محقق، وذلك سنة 1853 لما اقتحم الأسطول الأمريكي خليج (أوراجا)، وبدأ يفاوض الحاكم العسكري الذي كان يتولى السلطة بدلا عن الإمبراطور حول عقد معاهدات، فقد بدا لليابان بوضوح أنها بداية غزو اقتصادي يجر إلى دمار البلاد وإستعمارها، وآمن المفكرون فيها أن السبيل الوحيد لإنقاذ اليابان هو تصنيعها، وجعلها تسير في طريق الإنتاج الرأسمالي الذي سارت فيه أوروبا من قبلها، واستطاعوا أن يستخدموا سادة الاقطاع أنفسهم في تحقيق هذه الفكرة، فقام الإقطاعيون بإقصاء الحاكم العسكري عن السلطة وإعادتها إلى الإمبراطور سنة 1868، وجندت السلطة الإمبراطورية كل إمكاناتها لإيجاد ثورة صناعية في البلاد، ترتفع بها إلى مصاف الدول