إذ من حق الناضل أن يأخذ ولا يعطي، فإذا اشترط ذلك فقد شرط على الناضل أن يعطيه وذلك فاسد.
فإن قال: إن نضلتني فلك عشرة إلا أربعا كان صحيحا لأن قوله " إلا أربعا " استثناء معلوم من جملة معلومة، فإن قال: إن نضلتني فلك عشرة إلا قفيزا من بر، كان ذلك فاسدا، لأن قيمة القفيز مجهولة وإذا حذفت من المعلوم كان مجموعه مجهولا فلم يجز النضال.
فإن سبق أحد المتناضلين الآخر وشرط أن يطعم السبق أصحابه، كانت المناضلة صحيحة وكان مخيرا في أخذه وإطعامه، وإذا خرج أحد المتناضلين السبق، كان له أن يبتدئ بالرمي، وقال: بعض الناس ليس له ذلك إلا أن يشترطه، فإن شرطه كان جائزا، وهذا هو الأقوى لأن من النضال أن لا يكون للسبق مزية على الآخر وإن كان هو المخرج للعوض.
وينبغي أن لا يقتصر أهل النضال على هدف واحد، بل يرتبوا لهم هدفين يبدؤن بالرمي من أحدهما ويمشون على الآخر، فإذا وصلوا إليه وقفوا عنده، ورموا منه إلى الذي بدءوا بالرمي منه، فإذا بدأ واحد بالرمي من الهدف الأول، فليس له أن يبتدئ بالرمي من الآخر بل يبدء غيره، لأن موضع المناضلة على المساواة بين أهلها واعلم أن من عادة الرماة أن يرمي المتناضلان سهما وسهما (1) حتى ينفد الرشق فينبغي أن يكون رميهما كذلك، فإن شرطا من عشرة وعشرة (2) رشقا ورشقا كان ذلك جائزا، وقد ذكرنا فيما تقدم أنه ليس لأحدهما إذا بدء بالرمي أن يقطعه إلا لعذر واضح، فإن حصل هذا العذر ورمى فأخطأ لم يعد عليه بذلك من الخطأ (3) لأن الخطأ ما كان لسوء منه، وإن أصاب وحاله ما ذكرناه لم يعد له بذلك.