" كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " واعلم أن من جملة فرائض الإسلام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وربما كان ذلك فرضا على الكفاية، وربما تعلق بالأعيان، فأما كونه فرضا على الكفاية فمثل أن يأمر بعض المكلفين بمعروف، أو ينهى عن منكر فيؤثر أمره، أو نهيه في ذلك فيقع المعروف، أو يرتفع المنكر فسقط الوجوب عن الباقين.
فأما ما يتعلق بالأعيان فأن يأمر بمعروف، أو ينهى عن المنكر، فلا يؤثر أمره ولا نهيه فيما أمر به ونهى عنه ولا غيره على الوجه الانفراد والوحدة دون الباقين فيكون فرضا على الأعيان فيجب على كل واحد من المكلفين كما يجب على غيره منهم إلى أن يحصل المعروف، أو يرتفع المنكر، فإذا كان كذلك، سقط الفرض عن الجميع هذا مع تمكن الجماعة من ذلك إن اختص التمكن ببعض المكلفين دون بعض آخر منهم، فإن فرض ذلك لازم للمتمكنين دون من ليس بمتمكن.
والأمر بالمعروف يصح أن يكون واجبا، ويكون ندبا، فأما الواجب فبان يكون أمر المعروف واجبا، وأما الندب فبأن يكون أمر بالمعروف ندبا، لأن كل واحد منهما يتبع في كونه ندبا أو واجبا حكم ما هو أمر به منهما.
فإن كان واجبا كان الأمر به واجبا، وإن كان ندبا كان الأمر به ندبا كما ذكرنا.
وأما النهي عن المنكر فجميعه واجب لأن المنكر كله قبيح والنهي عن القبيح