وإذا كان عند إنسان عشرة من العبيد فأقر لغيره بهم فقال: " هؤلاء العبيد لزيد إلا واحدا " كان الاقرار صحيحا ويرجع في تبين الواحد إليه. فإن بين التسعة المقر بهم كان كافيا في بيان الواحد، وإن بين الواحد كان كافيا في ذلك لأنه إذا بين أحد الوجهين وعينه تبين الآخر وتعين. فإذا اختلفا في الواحد فكذب المقر له للمقر كان القول قول المقر مع يمينه، لأنه أعلم بما أقر به وبما استثناه، ولأنه أيضا في يده.
وإذا أقر إنسان بغصب فقال: (غصبت هذه الدار من زيد وملكها لعمرو) لزمه الاقرار وكان عليه تسليم الدار إلى زيد الذي إقرانه غصبه إياها، لأنه أقر له باليد وقد تكون في يده بإجارة أو رهن. فأما إقراره بأنها ملك لعمرو فلا يصح الاقرار بما هو في يد غيره، ويجرى ذلك مجرى قوله: " الدار التي في يد فلان لفلان " فإن ذلك لا يصح وشهادته بذلك لا يقبل، لأنه غاصب، وإذا كان كذلك وجب عليه تسليم الدار إلى زيد وتكون الخصومة فيها بين زيد وبين عمرو الذي أقر بأنها ملكه، وليس على هذا الغاصب ضمان في الدار لعمرو بإقراره بأنها ملكه، لأنه ما أقر له بشئ ثم حال بينه وبينه وإنما أقر لواحد منهما باليد وللآخر بالملك، وقد يجوز أن يكون في يد أحدهما بإجارة أو رهن كما قدمناه ويكون ملكا للآخر.
" الإعراض بعد الاقرار " وإذا قال إنسان: " هذه الدار لزيد، لا بل لعمر " أو قال: " غصبتها من زيد لا بل من عمرو " فإن إقراره بها للأول لازم وعليه غرامتها للثاني، لأنه حال بينه وبين ما أقر به له ويجرى ذلك مجرى أن يتلف له مالا ثم يقر به لغيره في لزوم غرامته له.
وإذا كان العبد مأذونا له في التجارة وأقر بما يوجب حقا على سيده (1) لم يقبل إقراره وإن أقر بما يوجب مالا وكان ذلك لا تعلق له بما أذن له فيه من التجارة مثل أن يقول: " أهلكت مال زيد " أو " غصبته مالا " لم يقبل إقراره بذلك.