واحتكار الغلات عند عدم الناس لها وحاجتهم الشديدة إليها وبيع المصاحف إذا كان ذلك في المكتوب وبيع السرقة وابتياعها مع العلم بها، ونثار الأعراس إذا لم يعلم من صاحبه الإباحة له وسلوك طريق يظهر منها إمارة الخوف مع ترك التحرز والكسب من ذلك.
وأما المكروه فجميع ما كره من المآكل والمشارب وسنورد ذلك في موضعه أيضا من هذا الكتاب بعون الله سبحانه وتعالى ومشيئته وكسب الحجام والأجر على القضاء وتنفيذ الأحكام من قبل الإمام العادل، والأجر على تعليم القرآن، ونسخ المصاحف مع الشرط في ذلك وأجر المغنيات في الأعراس إذا لم يغنين بالأباطيل والضرب، وبيع الرقيق والطعام وعظام الفيل وعملها، والأكفان والحياكة والنساجة والذباحة وكسب الصبيان وركوب البحر للتجارة.
وأما المباح على كل حال فهو كل مباح من المآكل والمشارب وكل ما لم يكن من جملة ما ذكرناه في كونه محظورا ومكروها.
" باب خدمة السلطان وأخذ جوائزه " السلطان على ضربين: أحدهما سلطان الإسلام العادل والآخر السلطان الجائر، فأما سلطان الإسلام العادل فهو مندوب إلى خدمته، ومرغب فيها، وربما وجب ذلك على المكلف طائفة لما فيه من وجوب اتباعه وطاعته في أمره ونهيه.
فإذا ولى السلطان إنسانا إمارة وحكما أو غير ذلك من الولاة عليه وجب عليه طاعته في ذلك وترك الخلاف له فيه، وجاز قبول جوائزه وصلاته والتصرف في الجميع على كل حال.
وأما السلطان الجائر فلا يجوز لأحد أن يتولى شيئا من الأمور من قبله إلا أن يعلم أو يغلب على ظنه أنه إذا تولى ولاية من جهته، تمكن من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقسمة الأخماس والصدقات على مستحقها، وصلة الأخوان، ولا يكون في شئ من ذلك تاركا لواجب ولا مخلا به ولا فاعلا بشئ من القبائح فإنه حينئذ