يطهوه الخادم ويعده، وعينه إليه ناظرة، ويده فيه عاملة فتأكله كله، ولا تبقي له بعضه، أما تخشى سم عينيه؟ فإن كان طبيخك لحما وأرزا، وخضارة وحلوى فأبق له من كل ولا تحرمه من بعض وخل عنك الكبر والتعاظم: فلولا هذا ما طعمت الشهي، ولا شربت الهني، وكذلك تلبسهم مما تلبس، وإن لم يكن مثله من كل الوجوه فإن المدار على المواساة.
قال رسول الله (ص): " إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه، فإن لم يجلسه معه فليناوله لقمة أو لقمتين، أو أكلة أو أكلتين فإنه ولي علاجه ". فالغرض أن تكون نفوسهم قانعة، وبحالهم راضية، وقد نهانا الرسول (ص) أن نكلفهم من الأعمال ما يشق عليهم، ويهد من قوتهم، أو يستفرغ جهدهم، بل التكليف بالسهل المستطاع الذي لا يسأمه الخادم، فإن كلفناهم بالشاق وجب علينا أن نعينهم بنفوسنا أو بخدم إلى خدمنا. والحديث نصر للخدم والأخذ بيدهم، ورفع لمستواهم وتنبيه لهم إلى حقوقهم قبل ساداتهم، وإرشاد لأرباب البيوت أن يقفوا منهم موقف العدالة، ولا يتناسوا رابطة الأخوة، ولا تبادل المنافع، وفيه النهي عن السباب للخدم وعدم التعرض لآبائهم وأمهاتهم بما يسوؤهم، أو يحط من قدرهم.
كما أنه يجب على الخادم أيضا أن يكون راع في مال سيده وحافظ مؤتمن فليرعه كما يرعى ماله، ينميه بما استطاع، ويحفظه من الضياع. يرحم حيوانه ويرأف به، ويتفقد صالحه وخيره أليس من هذا المال يطعم ويشرب ويلبس ويسكن؟
أليس منه يتخذ الأجر؟ فلم لا يكون فيه أمينا، وعلى تثميره حريصا. وإذا كان مكلفا برعاية المال فما بالك برعاية الأهل والولد فلا يخن سيده في ماله أو ولده أو أهله وليبعد عنهم الدنس والدنايا، ولينصح لسيده في كل ما له صلة به والدين النصيحة، وليعلم أن الله سائله عن كل ذلك.