عن خطوات، الشيطان، واستحيا أن يغضب الله بعمل وهو يلقاه، واستقام على الطريقة، ووجد فيها هداه.
* * * العبادة ضرب من الشكر وغاية فيه، لأنها الخضوع والتذلل، تدل على أعلا مراتب التعظيم. ولا يستحقها أحد إلا بإعطاء أصول النعم، من خلق الحياة والقدرة، والحس والشهوة، ولا يقدر عليه أحد إلا الله، فلذلك اختص سبحانه بأن يعبد. ولا تجوز العبادة لغيره، بخلاف الطاعة، فإنها قد تحسن لغيره، كطاعة الأب والمولى والسلطان والزوج. فمن قال إن العبادة هي الطاعة، فقد أخطأ، لأنها غاية التذلل، دون الطاعة فإنها مجرد موافقة الأمر. ألا ترى أن العبد يطيع مولاه ولا يكون عابدا، والكفار يعبدون الأصنام ولا يكونون مطيعين، إذ لا يتصور من جهتهم الأمر. فمستحق العبادة هو الله جلت عظمته، منحصرة فيه ومختصة به، وحق من حقوقه.
قال رسول الله (ص): (يا معاذ تدري ما حق الله على العباد؟ قلت:
الله ورسوله أعلم، قال: فإن حق الله على العباد أن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئا. وحق العباد على الله عز وجل أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا).
وهذا الحق باق ما بقي في الإنسان نفس يتردد.
(يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم).
(وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)، هناك سؤال يتبادر إلى الإنسان في ساعة صفاء ذهنه، وفي حالة التفكر في نفسه: لماذا خلقت، وما هي الغاية من خلقي؟.
هذا السؤال الذي كان مدار البحث والتفكير عند الفلاسفة، والذي لم يهتدوا إلى رأي ثابت في حل أسراره.