ويحرمون، فتأخذون بقولهم؟ قال: نعم. قال: هو ذاك.
فالاسلام إذ أمر بعبادة الله كان يرمي من ذلك أن يحرر الإنسان من العبودية التي لازمته السنين الطوال من ملوك الأرض وزعمائها الطاغين، ورؤساء الدين المتألهين، وأن ينزع من ذهنه ذلك الوهم بأنهم من طينة أفضل من طينته وأنهم من عنصر أفضل، وأن بيدهم النفع والضر. ولهذا يقول الله تعالى: (قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضرا ولا نفعا). ويقول سبحانه: (إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا، فابتغوا عند الله الرزق).
ولهذا أرسل الله الرسل - في كافة العصور - للناس ليدعوهم إلى عبادة الله وحده وعدم خضوع بعضهم لبعض. قال الله تعالى: (ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت). وإن الشقاء الذي ينتاب الجنس البشري مرده عدم فهم هذه الحقيقة، فألهوا بعضا من أفراد جنسهم علوا في الأرض، واستذلوا البشر وساقوهم إلى التناحر، وجعلوا الإنسانية شيعا يحارب بعضها بعضا.
ولهذا يدعو الله الناس جميعا - بقطع النظر عن ألوانهم وأجناسهم - بالتوجه إلى عبادة الله وحده.
أنظر إلى هاتين الآيتين اللتين تفيض عباراتهما بالشعور الحي، فتستجيب لها النفس إذا كانت ذات عقل ووجدان، (يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون، الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناءا وأنزل من السماء ماءا فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون).
والمعنى - والله العالم - أن الله هو الذي خصكم بهذه الآيات الكونية العظيمة، والدلائل النيرة من خلق السماء والأرض، الشاهدة بوحدانيته