التي خلقت نفسها بنفسها أي قال: إن الصانع هو الصنعة، أما فيكم أما فيكم...
وهنا تنهد الداعية قائلا: ويا ليت بعضكم مسلم لبعض ولم تختلفوا على أنفسكم، وتحتربوا من أجل هذه الأساطير والسخافات، ولم ينكر كل فريق منكم الروح التي ألهها الآخرون غير مصدق بسوى الروح التي آمن بها هو، واعتقدها وحدها هي التي صنعت عوالم الوجود. والمقصود أنكم اختلفتم على أنفسكم وعلى العلم والحق والدين، وجعلتم الأجيال تختلف باختلافكم وتمرض بمرضكم وتتوارث سخافتكم وأساطيركم، وتعتقدون أن ترهاتكم هذه هي وحي الله المنزل الذي لا يأتيه الباطل.
وماذا أقول لكم: وفيكم جماعات كثيرة لها من عمق الفكر وسعة الحضارة ما لم يكن لقدماء الفرس والروم واليونان والكلدان... ومع ذلك لا يزالون يعبدون أشياء كثيرة، متخيلين أن خالق الوجود هو الروح التي زعموا أنها تحل فيها ولن يجدوا مثلا يصدق عليهم إلا كلمة الأديب (جرجي زيدان) التي قالها حين درس تاريخ سكان مصر القدماء ورآهم يعتقدون أن الله روح تحل في الأشياء التي يعبدونها. (لقد عبدوا كل شئ إلا الله).
المحتشدون: قلت حقا، فكيف النجاة من مضايق هذه البلايا وأغلال هاتيك التقاليد، وكابوس رحى المورثات والتعاليم والتربيات؟
الداعية: النجاة هي في الرجوع إلى العلم والعقل، إلى الحرية والفهم، إلى الانتصاف من النفس لوجه الحق وواقع المعرفة.
المحتشدون: إلا أن الأرواح التي زينتها تقاليدنا في أعيننا وجعلتنا نعتقدها هي الله الخالق العظيم، هي التي حملتنا ثقل هذه الأساطير وبلايا هذه الخرافات والترهات، لذلك نطلب إليك أيها الداعية الكريم أن تخرجنا منها، وها نحن أولاء نعلنك