التعزيز للعلم والحض عليه، فالعبودية التي لا تصح من الإنسان إلا لخالق الإنسان أجازها الإمام للمعلم، لأن المعلم خليفة الله في خلقه، إذ يسبغ العلم على الإنسان فيصبح رمزا لخالقه ويكون آخر الأمر هو المخاطب من ربه بقوله: (يا عبدي أطعني تكن مثلي أنا أقول للشئ كن فيكون وأنت تقول للشئ كن فيكون) وهل في طاعة العبد أقرب إلى سيده من طاعة العالم العارف بسيده؟؟؟
إن لقب المعلم كبير، ولقد كان الأولون لا يطلقون لقب المعلم إلا على من أحرز اثنين وستين علما وفنا (كإفلاطون، وسقراط، والفارابي، وابن سينا). وبعضهم يحجب اللقب عن أفلاطون وابن سينا لعدم توفره فيهما.
الإمام علي عليه السلام وهو باب مدينة علم الرسول، يقول: (من علمني حرفا كنت له عبدا) فماذا يقول واحدنا إذن؟؟ وهل الإمام في حاجة لمعلم بعد محمد ليقول هذا؟ كلا.. ولكنه يعلمنا أن نخضع للمعلم، وأن نعتبره مصدر الحياة في الأمة ثم نعتبر العلم عين هذه الحياة ألم يحصر القرآن عظمة الوجود في وحدانيته، ويحصر عظمة هذه الوحدانية في هيمنته على الكون، ثم يحصر هذه الهيمنة في العلم بقوله عز من قائل: (شهد الله أنه لا آله إلا هو والملائكة وأولوا العلم)؟؟ ألم يجعل الفرقان تقوى الله مناط كرامة الإنسان وفضله على غيره إذ قال: إن أكرمكم عند الله أتقاكم) ثم يحص هذه التقوى بالعلماء في قوله: (إنما يخشى الله من عباده العلماء)؟؟
إذن يصدق الإمام إذ يقول: (من علمني حرفا كنت له عبدا) وهو يعني بذلك أن يجعلني أقرب إلى الله، إلى ربي وأكرمهم عليه هو معلمي.
وهذه الزلفى إلى الله هي مناط العبودية في نفسي لمن أدناني من خالقي وعرفني به وأخلص له حتى أحالني فيه، فعبوديتي لهذا المعلم جزء من عبوديتي