من لحمه تبركا ويفرقون جانبا من الذبائح على من يحضر من ذوي قرابتهم وقد كانت كهنتهم عند تقديم الذبائح يرشون على الحاضرين عسلا وماء حتى ارتقى الأمر إلى أن صاروا يرشون ماء الورد في اجتماعاتهم، ولا تزال هذه العادة مستعملة في أكثر الحفلات الدينية إلى الآن.
ولم يقتصر ذبائح القربان على الحيوان، بل بالغ كثير من الأمم المتقدمة حتى كانوا يقدمون ذبائحهم من البشر: كالفينقيين، والكنعانيين، والصوريين، والفرس، والرومان، والمصريين.
وما زالت هذه العادة القبيحة فاشية ومنتشرة في أوربا حتى صدر قرار من مجلس الأعيان الروماني بمنعها في سنة (657) ميلادية، ومع صدور هذا القرار بمنعها فإن هذه العادة القبيحة استمرت في بلاد الجرمان مدة طويلة.
وكان ملك الحيرة يقدم في أيامه إلى معبوده المسمى (الغري) الذبائح من البشر. وقد سرت له هذه العادة القبيحة من وثنيي الفرس.
ويقال: إن المصريين كانوا يقدمون إلى النيل يوم (11) بؤنة (الشهر القبطي من كل سنة) بنتا بكرا من فتياتهم بعد أن يزينوها بأحسن زينة، ثم يغرقونها في النهر الذي كان يعد من بعض معبوداتهم.
وما زالت هذه العادة الشنيعة فاشية في مصر حتى أبطلها (عمرو بن العاص) كما يقال بموافقة (عمر بن الخطاب. هكذا قرأت في كتاب (حكمة التشريع وفلسفته) للأستاذ أحمد الجرجاني أحد علماء الأزهر.
من هذا كله نأخذ درسا مهما في أحوال الأمم، ونرى أن المسلمين كانوا أسبق الأمم والشعوب في تحريم الذبائح البشرية. وكانوا يسوقون ذبائحهم من الإبل والبقر والغنم في زمن الحج الذي يسمونه (هديا) ويفرق له لحمه على الفقراء والمساكين والبائسين والمحتاجين.