البذئ والعمل القبيح وسائر المحرمات، إذ يقول (ص): (الصيام جنة) (أي سترة ووقاية إذا صام أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم) وفي حديث آخر: (الصوم جنة ما لم يخرقه بكذب أو غيبة) وفي حديث آخر: (إن الصوم أمانة فليحفظ أحد كم أمانته) ولما تلا قوله تعالى: (إن الله يأمر كم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها، وضع يده على سمعه وبصره فقال: (السمع أمانة والبصر أمانة). ولولا أن السمع والبصر من أمانات الصوم لما قال (ص): (فإن امرؤ سابه أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم) أي أني أودعت لساني لأحفظه، فكيف أطلقه لجوابك وكذلك أعضاء ابن آدم أمانة عنده يجب أن لا يطلقها في حالة الصوم فيما لا يرضى الله وإذا أمكن للانسان أن يترك كل هذا في حالة الصوم فإنه سيتعود لا محالة أن لا يستعمل أعضاءه دواما في غير ما خلقت له من الطاعات.
وإذا لم يستطع أن يقهر نفسه على ترك جميع المحرمات في رمضان، فإنه لم يحقق الغاية التي شرع الصوم من أجلها. وفي هذا يقول (ص):
(رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع) وقد وردت أحاديث عديدة بأن الغيبة تفسد الصوم. وإذا حملها البعض على المبالغة في التحذير منها، فمما لا جدال فيه أنها تتنافى مع حالة الصائم الذي يزعم أنه ترك الطعام والشراب خوفا من الله، ثم لا يحفظ جوارحه من الآثام، ويقدم على ما يغضبه تعالى من سئ الكلام.
إن مقاومة النفس إرضاء لله إذا صحت عن يقين كامل من شأنها أن تغرس في النفس ملكة مراقبة الله في السر والعلن، وفي جميع الأعمال. وهذا مما يؤدي إلى الامتناع عن جميع المحرمات والتدرج بتركها في أيام رمضان إلى الاقلاع عنها بتاتا في سائر الأوقات.