لا يتحقق إلا بعمل إيجابي من ناحية القلب بالنية والصبر وكثرة المراقبة والتدبر والاتعاظ. ويصل الإنسان بصومه إلى مجموعة من الفضائل والمكرمات ويحصل على عظيم الأجر وأرفع الدرجات، فهو بهذا الاعتبار من أفضل العبادات لبعده عن شائبة الرياء كما ورد فيه قوله (ص): (الصيام لا رياء فيه قال الله: (هو لي وأنا أجزى به، يدع عبدي طعامه وشرابه من أجلي).
وهو إلى جانب هذا من العبادات التي تقوم على دعائم الصبر وتشتمل على كل أنواعه: فهو صبر على طاعة الله، وصبر عن المحارم والشهوات، وصبر كل آلام الجوع والعطش وضعف النفس والبدن. ولهذا كان يسمى الرسول (ص) رمضان شهر الصبر، وورد عنه أنه قال: (الصوم نصف الصبر).
وقد امتدح لله عباده الصابرين، وبشرهم بالثواب العظيم حيث قال:
(إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب). وهل من صبر أعظم من أن يمتنع الإنسان عن شئ يشتهيه وهو في متناول يده؟
وهل من صبر أجل من الصبر على مقاومة النفس في أعظم شهواتها وأحبابها إليها، وهي شهوة البطن وشهوة الفرج؟
وهل من صبر أشد على النفس من صبر على أمر لا رقيب فيه غير الله؟
وهل من صبر أحب إلى الله من صبر كان منشؤه والباعث إليه مجرد الخوف من الله؟
كم هو عظيم أن تتطلع نفس الصائم إلى الشهوات، وتتهيأ له أسبابها، وهو في خلوة من الأنظار، فيعرض عنها لمحض الخشية، ويؤثر رضا مولاه عن كل لذة.
ولقد ورد في الحديث ما يدل على أنه ليس المقصود من الصوم مجرد الإمساك عن الطعام والشراب والجماع، بل لا بد من الإمساك معه عن الكلام