لكي تتكون فيها أشباح للأجسام المرئية، وهذه الطبقة كما علمنا هي أرق شئ في العين تكتنفه أنسجة متينة تصونه من الأذى.
إن النور الواقع على العين من أي جسم مضئ يعاني في سيره قبل أن يصل إلى الطبقة الشبكية عدة انكسارات متعاقبة، أولا عند: سطح القرنية والسائل المائي، ثانيا عند العدسة البلورية المحدبة ثم السائل الزجاجي وتقوم جميع هذه الأقسام بوظيفة عدسة كبيرة محدبة الطرفين تلم الأشعة الضوئية كلها على الشبكية فتكون أشباحا للأجسام الخارجية بصورة مقلوبة، على أن النور المنعكس على الشبكية لا يؤثر مباشرة على الألياف العصبية المنتشرة على هذه الطبقة من العين، بل إنما يؤثر على مناطق العصي والمخاريط التي مر ذكرها في موضوع تشريح العين. وهناك تحدث بعض التغيرات الكيمياوية والطبيعية التي تنبه بها منتهيات ألياف العصب البصري، وهكذا ينتقل التأثير إلى المراكز البصرية في المخ فينشأ من ذلك شبح الجسم الحقيقي بصورة معتدلة ويؤول الأمر إلى الرؤية. فالذي يرى في الحقيقة هو المخ لا العين، لأنك إذا قطعت الحبل التلغرافي الذي يصل بين العين والمخ لم تر شيئا، وكذلك لا ترى أيضا إذا تلفت العين فكلاهما ضروري لرؤية الصور.) (1) هذا الدرس الموجز عن كيفيات العين وحالاتها الغريبة الخارجة عن قدرة نطاق البشر تكاد تكون محل اتفاق عند العلماء، نعم إن الاختلاف إنما وقع في كيفية الأبصار. فالأقدمون يظنون أن إبصارنا للأشياء يتم بواسطة نور ينبعث من أعيننا فيدرك المرئيات. وقد ثبت الآن غير هذا الرأي، فقال علماء الطبيعة إن إبصارنا للأشياء يتم بواسطة أشعة تنبعث من الجسم المرئي من كل نقطة فيه فترتسم له صورة مصغرة في أعيننا، فيحمل عصب العين تأثير هذه الصورة إلى