بكون الشئ مفطرا والناسي له (1)، وإن أريد التعمد بفعل الشئ الخاص - كالأكل مثلا - فلا ريب أن الناسي للصوم متعمد للأكل، فإن تعمد الأكل لا ينافي الغفلة عن الصوم، أو القطع بعدم الصوم - كما يشهد بذلك ما ورد من التعليل في فساد صوم من تسحر ثم تبين أنه أكل وشرب بعد الفجر (2)، وما ورد في تعليل من أكل بظن الليل لأجل السحاب الأسود ثم تبين له بقاء النهار، بأنه أكل متعمدا (3) -.
ودعوى الفرق بين من اعتقد عدم الصوم، وبين من اعتقد انقضاء اليوم، وإن الأول ليس بمتعمد في أكله بخلاف الثاني، كما ترى، وإن أريد من " تعمد الأكل " الأكل مع الالتفات إلى مطلوبية الصوم منه وجوبا أو ندبا، فلا ريب أن أخذ هذا في تعريف (4) الصوم الذي لا بد من معرفته مع قطع النظر عن تعلق الطلب به غير مستقيم جدا، مع أن الظاهر من العرف - بل الأخبار - أن الصوم في أصل الشرع هو: " ترك الأكل والشرب وغيرهما رأسا ".
فلا يبعد - حينئذ - أن يقال: إن فعل المفطرات ناسيا قادح في حقيقة الصوم، وإن الآكل ناسيا للصوم ليس بصائم حقيقة في زمان أكله، ولذا أفتى المصنف قدس سره في أجوبة المسائل المهنائية: ببطلان الصوم المندوب، وقضاء الواجب إذا كان موسعا بفعل المفطر ناسيا، مستدلا بعدم تحقق الامساك (5)، وإن كان يرد عليه: أن عدم الصوم الحقيقي في جزء من النهار لا يوجب فساد الصوم،