الواجب العقلي من الإنصاف والعدل واجتناب الظلم والبغي وهذا مما لا يقوم غيره مقامه فيه وثانيا أن النقل الوارد عن النبي والأئمة ع يجوز أن يتركه الناقلون تعمدا أو اشتباها أو يوجد ممن ليس نقله حجة فيحتاج إلى الامام ليبين الحق.
الشبهة الحادية عشرة الاجماع قائم على أنه لا نبي بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنتم زعمتم ان المهدي إذا ظهر لا يقبل الجزية ويقتل من بلغ العشرين ولم يتفقه في الدين ويأمر بهدم المساجد والمشاهد ويحكم بحكم داود ولا يسال عن بينة وأشباه ذلك وهذا نسخ للشريعة فقد أثبتم معنى النبوة وان لم تتلفظوا باسمها والجواب ما ذكره الطبرسي في إعلام الورى قال انا لا نعرف ما تضمنه السؤال من أنه لا يقبل الجزية ويقتل من بلغ العشرين ولم يتفقه فإن كان ورد بذلك خبر فهو غير مقطوع به اما هدم المساجد والمشاهد فما سمعناه ويجوز ان يختص بما بني على غير تقوى الله وعلى خلاف ما أمر به وهذا مشروع قد فعله النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومنه مسجد الضرار وأما حكمه بحكم داود لا يسال عن بينة فهذا أيضا غير مقطوع به وان صح فتأويله انه يحكم بعمله فيما يعلمه وللامام والحاكم ان يحكم بعلمه ولا يسال البينة على أن ما ذكروه من عدم قبول الجزية وعدم سؤال البينة لو صح لم يكن نسخا لان النسخ هو ما تأخر دليله عن الحكم المنسوخ اما إذا اصطحب الدليلان فلا يكون أحدهما ناسخا للآخر وان خالفه في الحكم ولذلك اتفقنا على أنه لو قال الزموا السبت إلى وقت كذا ثم لا تلزموه لم يكن نسخا.
وفي البحار روى الحسين بن مسعود في شرح السنة باسناده عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال والذي نفسي بيده ليوشكن ان ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا يكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية فيفيض المال حتى لا يقبله أحد ثم قال قوله يكسر الصليب يريد ابطال النصرانية ويحكم بشرع الاسلام ومعنى قتل الخنزير تحريم اقتنائه وأكله وإباحة قتله وقوله يضع الجزية معناه يضعها عن أهل الكتاب ويحملهم على الاسلام فقد روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في نزول عيسى ويهلك في زمانه الملل كلها الا الاسلام ويهلك الدجال فيمكث في الأرض أربعين سنة ثم يتوفى فيصلي عليه المسلمون وقيل معنى الجزية ان المال يكثر حتى لا يوجد محتاج ممن يوضع فيهم الجزية يدل عليه قوله فيفيض المال حتى لا يقبله أحد وروى البخاري باسناده عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كيف أنتم إذا نزل ابن مريم وإمامكم منكم وهذا حديث متفق على صحته انتهى قال في البخاري وقد أورد هو وغيره اخبارا أخر في ذلك فظهر ان هذه الأمور المنقولة من سير القائم ع لا تختص بنا بل أوردها مخالفونا ونسبوها إلى عيسى ع لكن قد رووا ان إمامكم منكم فما كان جوابهم فهو جوابنا والشبهة مشتركة بينهم وبيننا انتهى فهذا جواب ما أورده علينا مخالفونا من الشبه في أمر المهدي أو يمكن أن يورد لهم.
في ذكر من قال بوجود المهدي ووافق الشيعة من علماء أهل السنة وهم كثيرون نذكر منهم جماعة الأول أبو سالم كمال الدين محمد بن طلحة بن محمد بن أبي الحسن القرشي النصيبي الشافعي في كتابه مطالب السؤول في مناقب آل الرسول وهذا الرجل قد اثنى عليه علماء أهل السنة وذكروه بكل جميل فذكره تقي الدين أبو بكر أحمد بن قاضي شهيد المعروف بابن جماعة الدمشقي الأسدي في طبقات فقهاء الشافعية على ما نقل عنه وقال إنه كان أحد الصدور والرؤساء المعظمين ولد سنة 582 وتفقه وشارك في العلوم وكان فقيها بارعا عارفا بالمذهب والأصول والخلاف ترسل عن الملك وساد وتقدم وسمع الحديث الخ ومدحه أبو عبد الله بن أسعد اليمني المعروف باليافعي في مرآة الجنان في حوادث سنة 650 فيما حكي عنه وقال عبد الغفار بن إبراهيم العكي الشافعي فيما نقل عنه أنه أحد العلماء المشهورين وذكره وبالغ في مدحه جمال الدين عبد الرحيم بن حسن بن علي الأسنوي الشافعي في طبقات الشافعية على ما حكي عنه اما كتابه مطالب السؤول فهو كتاب مشهور معروف وكونه من تاليفه مشهور معلوم أيضا حتى أن ابن تيمية اعترف بأنه له في كتابه منهاج السنة على ما حكي عنه مع انكاره جملة من الأحاديث المستفيضة.
قال في الكتاب المذكور الباب الثاني عشر في أبي القاسم محمد بن الحسن الخالص بن علي المتوكل بن محمد القانع بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين الزكي بن علي المرتضى أمير المؤمنين بن أبي طالب المهدي الحجة الخلف الصالح المنتظر ع ورحمة الله وبركاته إلى أن قال فاما مولده فبسر من رأى في ثالث وعشرين رمضان سنة 258 للهجرة واما نسبه أبا واما فأبوه الحسن الخالص إلى آخر ما تقدم وامه أم ولد تسمى صقيل وقيل حكيمة وقيل غير ذلك ثم اورد عدة اخبار واردة في المهدي من طريق أبي داود الترمذي والبنوي ومسلم والبخاري والثعلبي ثم اعترض بأنها لا تدل على أنه محمد بن الحسن العسكري وأجاب بان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لما وصفه وذكر اسمه ونسبه ووجدنا تلك الصفات والعلامات موجودة في محمد بن الحسن العسكري علمنا أنه هو المهدي ثم اعترض بعدة اعتراضات وأجاب عنها وقد ذكرنا ملخصها في كتابنا البرهان على وجود صاحب الزمان فليرجع إليها من أرادها.
الثاني أبو عبد الله محمد بن يوسف بن محمد الكنجي الشافعي في كتابيه البيان في اخبار صاحب الزمان وكفاية الطالب في مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب.
ويعبر عنه ابن الصباح المالكي في الفصول المهمة بالامام الحافظ واحتج بروايته ابن حجر العسقلاني في فتح الباري في شرح صحيح البخاري على ما نقل عنه اما كتابه البيان فذكره صاحب كشف الظنون فقال البيان في اخبار صاحب الزمان للشيخ أبي عبد الله محمد بن يوسف الكنجي المتوفي سنة 658 اه وأورده بتمامه علي بن عيسى الأربلي في كشف الغمة وقال إن مؤلفه حمله هو وكتاب كفاية الطالب إلى الصاحب السعيد تاج الدين محمد بن نصر بن الصلايا العلوي الحسيني سقى الله عهده صوب العهاد فقرأنا الكتابين على مصنفهما المذكور في مجلسين آخرهما يوم الخميس سادس عشر جمادي الآخرة سنة 648 بإربل وكتاب البيان يشتمل على خمسة وعشرين بابا أربعة وعشرون منها في كل باب عدة أحاديث في أحوال صاحب الزمان من طريق أهل السنة وقد أوردناها بتمامها في المجلس الخامس والباب الخامس والعشرون في الدلالة على كون المهدي حيا باقيا منذ غيبته إلى الآن وانه لا امتناع في بقائه بدليل بقاء عيسى والخضر والياس من أولياء الله والدجال وإبليس اللعين من أعداء الله إلى آخر ما ذكره وقال في كفاية الطالب على ما حكي عنه في الباب الثامن من