قال وبلغ ذلك من فعل طاهر محمدا فاشتد عليه وغمه وأجزعه فذكر كاتب لكوثر أن محمدا قال أو قيل على لسانه هذه الأبيات منيت بأشجع الثقلين قلبا * إذا ما طال ليس كما يطول له مع كل ذي بدد رقيب * يشاهده ويعلم ما يقول فليس بمغفل أمرا عنادا * إذا ما الامر ضيعه الغفول (وفى هذه السنة) ضعف أمر محمد وأيقن بالهلاك وهرب عبد الله بن خازم ابن خزيمة من بغداد إلى المدائن فذكر عن الحسين بن الضحاك أن عبد الله بن خازم ابن خزيمة ظهرت له التهمة من محمد والتحامل عليه من السفلة والغوغاء فهم على نفسه وماله فلحق بالمدائن ليلا في السفن بعياله وولده فأقام بها ولم يحضر شيئا من القتال وذكر غيره أن طاهرا كاتبه وحذره قبض ضياعه واستئصاله فحذره ونجا من تلك الفتنة وسلم فقال بعض قرائبه في ذلك:
وما جبن ابن خازم من رعاع * وأوباش الطغام من الأنام ولكن خاف صولة ضيغمي * هصور الشد مشهور العرام فذاع أمره في الناس ومشى تجار الكرخ بعضهم إلى بعض فقالوا ينبغي لنا أن نكشف أمرنا لطاهر ونظهر له براءتنا من المعونة عليه فاجتمعوا وكتبوا كتابا أعلموه فيه أنهم أهل السمع والطاعة والحب له لما يبلغهم من إيثاره طاعة الله والعمل بالحق والاخذ على يد المريب وأنهم غير مستحلى النظر إلى الحرب فضلا عن القتال وأن الذي يكون حزبه من جانبهم ليس منهم قد ضاقت بهم طرق المسلمين حتى إن الرجل ولالهم بالكرخ دور ولا عقار وإنما هم بين طرار وسواط ونطاف وأهل السجون إنما مأواهم الحمامات والمساجد والتجار منهم إنما هم باعة الطريق يتجرون في محقرات تستقل المرأة في رحمه قلتبان ساعة قبل التخلص وحتى إن الشيخ ليسقط لوجهه ضعفا وحتى إن الحامل الكيس في حجزته وكفه ليطر منه وما لنا بهم بدان ولا طاقة ولا نملك لأنفسنا معهم شيئا وإن بعضنا يرفع الحجر عن الطريق لما جاء فيه من الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فكيف لو اقتدرنا على من في اقامته