الموضع واسعا صير مسجدا وإن كان لا يصلح أن يكون مسجدا صير فضاء وأمر أن يجعل على أبواب دورهم صور شياطين من خشب مسمورة تفريقا بين منازلهم وبين منازل المسلمين ونهى أن يستعان بهم في الدواوين وأعمال السلطان التي يجرى أحكامهم فيها على المسلمين ونهى أن يتعلم أولادهم في كتاتيب المسلمين ولا يعلمهم مسلم ونهى أن يظهروا في شعانينهم صليبا وأن يشمعلوا في الطريق وأمر بتسوية قبورهم مع الأرض لئلا تشبه قبور المسلمين * وكتب إلى عماله في الآفاق بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فإن الله تبارك وتعالى بعزته التي لا تحاول وقدرته على ما يريد اصطفى الاسلام فرضيه لنفسه وأكرم به ملائكته وبعث به رسله وأيد به أولياءه وكنفه بالبر وحاطه بالنصر وحرسه من العاهة وأظهره على الأديان مبرءا من الشبهات معصوما من الآفات محبوا بمناقب الخير مخصوصا من الشرائع بأطهرها وأفضلها ومن الفرائض بأزكاها وأشرفها ومن الاحكام بأعدلها وأقنعها ومن الأعمال بأحسنها وأقصدها وأكرم أهله بما أحل لهم من حلاله وحرم عليهم من حرامه وبين لهم من شرائعه وأحكامه وحد لهم من حدوده ومناهجه وأعد لهم من سعة جزائه وثوابه فقال في كتابه فيما أمر به ونهى عنه وفيما حض عليه فيه ووعظ " إن الله يأمر بالعدل والاحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون " وقال فيما حرم على أهله مما غمط فيه من ردئ المطعم والمشرب والمنكح لينزههم عنه وليظهر به دينهم ليفظهم عليهم تفضيلا " حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة " إلى آخر الآية ثم ختم ما حرم عليهم من ذلك في هذه الآية بحراسة دينه ممن عند عنه وبإتمام نعمته على أهله الذين اصطفاهم فقال عز وجل (اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشوني اليوم أكملت لكم دينكم الآية) وقال عز وجل (حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم الآية) وقال (إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان الآية) فحرم على المسلمين من مآكل أهل الأديان أرجسها وأنجسها ومن شرابهم أدعاه إلى المداوة والبغضاء وأصده عن ذكر الله وعن
(٣٥٥)