أحد فلم يزالوا كذلك إلى الصباح ثم أمر من يتعاهد الفرسان والرجالة بالليل فينظر إلى حالتهم فلبثوا في حفر الخندق عشرة أيام ودخله اليوم العاشر فقسمه بين الناس وأمر القواد أن يبعثوا إلى أثقالهم وأثقال أصحابهم على الرفق وأتاه رسول بابك ومعه قثاء وبطيخ وخيار يعلمه أنه في أيامه هذه في جفاء انما يأكل الكعك والسويق هو وأصحابه وأنه أحب أن يلطفه بذلك فقال الأفشين للرسول قد عرفت أي شئ أراد أخي بهذا انما أراد أن ينظر إلى العسكر وأنا أحق من قبل بره وأعطاه شهوته فقد صدق أنا في جفاء وقال للرسول اما أنت فلا بدلك أن تصعد حتى ترى معسكرنا فقد رأيت ما ههنا وترى ما وراءنا أيضا فأمر بحمله على دابة وأن يصعد به حتى يرى الخندق ويرى خندق كلان روذ وخندق برزند ولينظر إلى الخنادق الثلاثة ويتأملها ولا يخفى عليه منها شئ ليخبر به صاحبه ففعل به ذلك حتى صار إلى برزند ثم رده إلى عنده فأطلقه وقال له اذهب فأقره منى السلام وكان من الخرمية الذين يتعرضون لمن يجلب الميرة إلى العسكر ففعل ذلك مرة أو مرتين ثم جاءت الخرمية بعد ذلك في ثلاثة كراديس حتى صاروا قريبا من سور خندق الأفشين يصيحون فأمر الأفشين الناس ألا ينطق أحد منهم ففعلوا ذلك ليلتين أو ثلاث ليال وجعلوا يركضون دوابهم خلف السور ففعلوا ذلك غير مرة فلما أنسوا هيأ لهم الأفشين أربعة كراديس من الفرسان والرجالة فكانت الرجالة ناشبة فكمنوا لهم في الأودية ووضع عليهم العيون فلما انحدروا في وقتهم الذين كانوا ينحدرون فيه في كل مرة وصاحوا وجلبوا كعادتهم شد عليهم الخيل والرجالة الذين رتبوا فأخذوا عليهم طريقهم وأخرج الأفشين إليهم كردوسين من الرجالة في جوف الليل فأحسوا ان قد أخذت عليهم العقبة فتفرقوا في عدة طرق حتى أقبلوا يتسلقون الجبال فمروا فلم يعودوا إلى ما كانوا يفعلون ورجع الناس من الطلب مع صلاة الغداة إلى الخندق بروذ الروذ ولم يلحقوا من الخرمية أحدا ثم إن الأفشين كان في كل أسبوع يضرب بالطبول نصف الليل ويخرج بالشمع والنفاطات إلى باب الخندق وقد عرف كل إنسان منهم كردوسه من كان في الميمنة ومن كان في الميسرة
(٢٤٤)