فقال يا أمير المؤمنين له على عشرة آلاف درهم قال لا أحسب ذلك يقنعه منك ومن مجالستك قال فلم يزل يزيده عشرة عشرة والمأمون يقول له لا أرضى له بذلك حتى بلغ المائة ألف قال فقال له المأمون فعجلها له قال فكتب له بها إلى وكيله ووجه معه رسولا فأرسل إليه المأمون قبض هذه في هذه الحال أصلح لك من منادمته على مثل حاله وأنفع عاقبة وذكر عن محمد بن عبد الله صاحب المراكب قال أخبرني أبي عن صالح بن الرشيد قال دخلت على المأمون ومعي بيتان للحسين ابن الضحاك فقلت يا أمير المؤمنين أحب أن تسمع منى بيتين قال أنشدهما قال فأنشده صالح حمدنا الله شكرا إذ حبانا * بنصرك يا أمير المؤمنينا فأنت خليفة الرحمن حقا * جمعت سماحة وجمعت دينا فاستحسنهما المأمون وقال لمن هذان البيتان يا صالح قلت لعبدك يا أمير المؤمنين الحسين بن الضحاك قال قد أحسن قلت وله يا أمير؟ ما هو أجود من هذا قال وما هو فأنشدته أيبخل فرد الحسن فرد صفاته * على وقد أفردته بهوى فرد رأى الله عبد الله خير عباده * فملكه والله أعلم بالعبد وذكر عن عمارة بن عقيل أنه قال قال لي عبد الله بن أبي السمط علمت أن المأمون لا يبصر الشعر قال قلت ومن ذا يكون أعلم به منه فوالله إنك لترانا ننشده أول البيت فيسبقنا إلى آخره قال أنشدته بيتا أجدت فيه فلم أره تحرك له قال قلت وما الذي أنشدته قال أنشدته أضحى إمام الهدى المأمون مشتغلا * بالدين والناس بالدنيا مشاغيل قال فقلت له إنك والله ما صنعت شيئا وهل زدت على أن جعلته عجوزا في محرابها في يدها سبحتها فمن القائم بأمر الدنيا إذا تشاغل عنها وهو المطوق بها هلا قلت فيه كما قال عمك جرير في عبد العزيز بن الوليد فلا هو في الدنيا مضيع نصيبه * ولا عرض الدنيا عن الدين شاغله
(٢٢٠)