المقالة الأولى فقال له على والله لولا جلالة مجلسه وما وهب الله من رأفته ولولا ما نهى عنه لأعرقت جبينك وبحسبك من جهلك غسلك المنبر بالمدينة * قال فجلس المأمون وكان متكئا فقال وما غسلك المنبر التقصير منى في أمرك أو لتقصير المنصور كان في أمر أبيك لولا أن الخليفة إذا وهب شيئا استحى أن يرجع فيه لكان أقرب شئ بيني وبينك إلى الأرض رأسك قم وإياك ما عدت قال فخرج محمد بن أبي العباس ومضى إلى طاهر بن الحسين وهو زوج أخته فقال له كان من قصتي كيت وكيت وكان يحجب المأمون على النبيذ فتح الخادم وياسر يتولى الخلع وحسين يسقى وأبو مريم غلام سعيد الجوهري يختلف في الحوائج فركب طاهر إلى الدار فدخل فتح فقال طاهر بالباب فقال إنه ليس من أوقاته ائذن له فدخل طاهر فسلم عليه فرد عليه السلام وقال اسقوه رطلا فأخذه في يده اليمنى وقال له اجلس فخرج فشربه ثم عاد وقد شرب المأمون رطلا آخر فقال اسقوه ثانيا ففعل كفعله الأول ثم دخل فقال له المأمون اجلس فقال يا أمير المؤمنين ليس لصاحب الشرطة أن يجلس بين يدي سيده فقال له المأمون ذلك في مجلس العامة فأما مجلس الخاصة فطلق قال وبكى المأمون وتغرغرت عيناه فقال له طاهر يا أمير المؤمنين لم تبكى لا أبكى الله عينيك فوالله لقد دانت لك البلاد وأذعن لك العباد وصرت إلى المحبة في كل أمرك فقال أبكى لأمر ذكره ذل وستره حزن ولن يخلو أحد من شجن فتكلم بحاجة إن كانت لك قال يا أمير المؤمنين محمد بن أبي العباس أخطأ فأقله عثرته وارض عنه قال قد رضيت عنه وأمرت بصلته وردت عليه مرتبته ولولا أنه ليس من أهل الانس لأحضرته * قال وانصرف طاهر فأعلم ابن أبي العباس ذلك ودعا بهارون بن جيغويه فقال له إن للكتاب عشيرة وإن أهل خراسان يتعصب بعضهم لبعض فخذ معك ثلثمائة ألف درهم فأعط الحسين الخادم مائنى ألف وأعط كاتبه محمد بن هارون مائة ألف وسله أن يسأل المأمون لما بكى قال ففعل ذلك قال فلما تغدى قال يا حسين اسقنى قال لا والله لا أسقينك أو تقول لي لم بكيت حين دخل عليك طاهر قال يا حسين وكيف عنيت بهذا حتى سألتني عنه قال لغمي بذاك قال يا حسين هو أمر إن خرج من رأسك قتلتك قال يا سيدي ومتى
(١٥٧)