الأول، إذ هو ليس جمعا فيما اختلفت فيه البينات من التفاوت الذي هو مقتضى أحدها الثلث مثلا، ومقتضى الأخرى الربع مثلا، بل اللائق بعد القطع بانحصار التفاوت في أحد الأمرين، ولم يعلم به على الخصوص تنصيف مقتضى كل من البينتين والحكم بكونه الأرش إعمالا لكل منهما في النصف فتأمل جيدا.
اللهم إلا أن يقال إنهم أخذوا ذلك مضافا إلى ما سمعت من خبر عبد الله بن عمر (1) الوارد في الأضاحي قال: " كنا بمكة فأصابنا غلاء في الأضاحي فاشترينا بدينار ثم بدينارين ثم بلغت سبعة، ثم لم توجد بقليل ولا كثير فوقع هشام المكاري إلى أبي الحسن عليه السلام فأخبره بما اشترينا وإنا لم نجد فوقع عليه السلام انظروا إلى الثمن الأول والثاني والثالث فأجمعوا ثم تصدقوا بمثل ثلثه " وقد عمل به الأصحاب في محله بل قالوا الضابط أن تجمع القيمتان أو القيم ويتصدق بقيمة منسوبة إلى القيم بالسوية، فمن الثلاث الثلث، ومن الأربعة الربع، وهكذا واقتصار بعض على الثلث تبعا للرواية وإلا فالمراد ذلك، وهو قريب إلى ما قلنا به، بل لعل اختلاف البينات هو تعدد القيم باعتبار تفاوت الرغبات فيكون كالشئ الواحد الذي له قيم متعددة ومقتضى العدل الجامع بين حقي المشتري والبايع هو ما ذكره الأصحاب، وتضمنه الخبر المزبور، فليست المسألة حينئذ من تعارض البينات كي يجري فيها حكمه.
ولو كان الثمن عروضا استحق المشتري قيمة نسبة التفاوت منه كما أنه لو كان نقدا لم يستحق الأرش في خصوص ما دفعه منه، لأن التحقيق كون الأرش من الغرامات فالثمن حينئذ ملك البايع على كل حال، ولو كان العيب في الثمن وكان عروضا استحق البايع على المشتري قيمة نسبة التفاوت من المبيع فمع فرض كون التفاوت النصف استحق عليه قيمة نصف المبيع.