كان الجهل كان من العامد، وإن كان السهو كان من الساهي، وإن كان الجهل سببا للسهو فوجهان (أو شك) والمراد به تردد الذهن من غير ترجيح، قيل والفرق بينه وبين ما تقدمه بالنسبة للاخلال كونه نفسه خللا في الصلاة بخلاف الأولين، فإنهما سببان للخلل الذي هو نقص مثلا، وفيه تأمل، فإنه قد يكون أيضا سببا للخلل، بقي الكلام في الخلل الواقع من سبق اللسان، فإنه لا يندرج في أحد الثلاثة وإن كان الظاهر عدم بطلان الصلاة به مع التدارك بالصحيح، ولو أراد الجهر مثلا فأخفت أو بالعكس على وجه لا يندرج في العامد ولا الناسي ولا الجاهل ففي التدارك جهرا أو إخفاتا نظر، ولو كان الخلل وقع اضطرارا بفعل أجنبي مثلا فإنه لا يدخل في أحد الثلاثة أيضا.
ولو كان بمثل الطمأنينة في القراءة ففي إعادتها مطمئنا نظر.
(أما) أحكام (العمد فمن أخل بشئ من واجبات الصلاة) لها أو فيها (عامدا فقد أبطل صلاته) لقوله: (شرطا كان ما أخل به) كالوضوء والتستر وطهارة الثوب والبدن ونحو ذلك (أو جزء منها) كالقراءة والسجود (أو كيفية) كالجهر والاخفات (أو تركا) كالكلام والالتفات والقهقهة ونحو ذلك، لما تبين في الأصول من اقتضاء النهي في العبادة الفساد من غير فرق بين ما يتعلق بنفس العبادة أو شرطها أو خارج عنها فيها، كالنهي عن التكفير والكلام وإن كان اقتضاؤه في البعض عقليا وفي الآخر عرفيا، لكنهما مشتركان في أنه لم يأت بالمأمور به على وجه، لكون الاخلال بالجزء إخلالا بالكل، ولانعدام المشروط بانعدام الشرط، فيبقى في عهدة التكليف، على أن الحكم في المقام إجماعي على الظاهر، وعن نهاية الإحكام أنه لا خلاف فيه، فما وقع من بعض المتأخرين من أن النهي إذا لم يتعلق بنفس العبادة أو شرطها لا يقتضي فسادها وإنما يثبت البطلان بدليل من خارج كما في الكلام والالتفات ليس في محله.