حلاله وحرامه في جنب الخبر الصحيح، وكيف لا ولو أراد الانسان أن يلفق له فقها من غير نظر إلى كلام الأصحاب بل من محض الأخبار لظهر له فقه خارج عن ربقة جميع المسلمين بل سائر المتدينين، فالتحقيق حينئذ أنه كلما كثرت الأخبار وازدادت صحة ومع ذلك أعرض الأصحاب عنها ولم يلتفتوا إليها مع أنها بين أيديهم بمنظر منهم ومسمع تزداد وهنا، ويضعف الاعتماد عليها لحصول الظن بل القطع بعدم كونها على ما هي ظاهرة فيه، هذا مع الغض عن كونها معارضة بأخبار أخر مخالفة للعامة معتضدة بقواعد الباب، بل معتضدة بما دل على بطلان الصلاة بالحدث مثلا والاستدبار ونحو ذلك خالية عما اشتملت عليه جملة من تلك الأخبار من سهو النبي (صلى الله عليه وآله) المخالف لقواعد الإمامية العقلية، فمن العجيب بعد ذلك كله ما يظهر من بعض المتأخرين من حملها على الجواز جمعا بينها وبين ما دل على الإعادة والاستقبال، إذ هو مع أنه في الحقيقة إحداث قول ثالث فرع التكافؤ، وقد عرفت عدمه من وجوه عديدة، فالمتجه حينئذ طرحها أو حملها على ما لا ينافي المقصود.
(وإن كان يبطلها عمدا لا سهوا كالكلام) ولو في السؤال عن نقصان الصلاة (فيه تردد) ينشأ من أنه كالوقوع في الأثناء سهوا، بل يشمله ما دل على اغتفاره سهوا مضافا إلى الأخبار الحاكمة بالصحة، بل منها ما هو صريح في وقوع الكلام منه المنجبرة بشهرة الأصحاب، ومن أن ذلك من قبيل العمد لا السهو، لأن الفرض أنه تكلم عامدا لذلك بزعم الفراغ، ولذا يصح لو كان عقدا أو إيقاعا، مع أن المنقول عن المبسوط أن فيه رواية، بل قد عرفت أن القاعدة تقضي بالبطلان في الجميع، والمتيقن من القاعدة الثانية غير هذا الفرد، فيبقى داخلا تحت الأولى.
(و) الأشهر (الأشبه الصحة) وفاقا للمشهور نقلا وتحصيلا، بل لعل عليه عامة المتأخرين، خلافا للمحكي عن النهاية والجمل والعقود والوسيلة والاقتصاد والمهذب