أبي الحسن (عليه السلام) ابن الجهم كان صريحا في الاستنابة، وغير ذلك، بل حكي عن الشيخ سليمان البحراني الاستدلال عليها بوجوه عشرة بعد اعترافه بعدم نص فيها، منها أن علماء زماننا مطبقون على استعمال ذلك، ونقلوا عن مشايخهم نحو ذلك، ولعله كاف في مثله، لكن الانصاف أن الجميع كما ترى، ومن المعلوم أن المراد بالاستنابة غير استخارة الانسان نفسه على أن يشور على الغير بالفعل أو عدمه بعد أن يشترط على الله المصلحة لمن يريد الاستخارة له، إذ هي ليست من النيابة قطعا، بل قد يقال إنه ليس من النيابة ما لو دعا المستخير لنفسه وسأل من ربه صلاحه واستناب غيره في قبض السبحة أو فتح المصحف أو نحوهما وإن دعا هو معه، ولعل الاستنابة المتعارفة في أيدينا من هذا القبيل، والله أعلم.
(و) منها (صلاة الحاجة) بلا خلاف أجده فيها نصا وفتوى، بل قيل: إنه ذكر الصدوق والشيخان في الفقيه والهداية والمقنع والمقنعة والمصباح صلوات شتى للحاجة، وقلت: منشأ ذلك النصوص (1) المستفيضة جدا إن لم تكن متواترة كما لا يخفى على من لاحظها في مثله وافي الكاشاني ونحوه مما أعد لجمع الروايات، ومنها ما هو مطلق في صلاة الركعتين وطلب الحاجة كخبر الحارث بن المغيرة (2) عن الصادق (عليه السلام) (إذا كانت لك حاجة فتوضأ فصل ركعتين ثم احمد الله واثن عليه واذكر من آلائه ثم ادع تجب)) وفي خبره الآخر (3) عنه (عليه السلام) أيضا (إذا أردت حاجة فصل ركعتين وصل على محمد وآل محمد وصل تعطه) ومنها ما قد اشتمل على ذكر مقدمات وكيفيات لها، منها ما ذكره في القواعد من صلاة ركعتين بعد صوم ثلاثة أيام آخرها