ومن هنا جعل الشهيد في الذكرى القول بوجوب الصيغة الثانية بعينها مستلزما لطرح هذه النصوص جميعها، وما ذاك إلا لأن المراد بها ما ذكرنا، بل ظاهر المنتهى أو صريحه أنه لا يعرف خلافا في عدم وجوب شئ بعد فرض حصول التحليل، وقد سمعت أن الشهيد في البيان جعل كل من قال بوجوب الصيغة الثانية قائلا بعدم الخروج بالأولى، وليس هو إلا استنباطا مما ذكرناه، بل لعل الاجماع المستفيض على عدم وجوب الجمع بينهما مأخذه ذلك أيضا، ضرورة أنه لا وجه لوجوب شئ آخر بعد حصول التحليل والفراغ والانصراف، لا أن مأخذه ندب الصيغة الأولى، إذ ليس ذلك يقتضي التعبير بعدم وجوب الجمع بينهما، بل هو إجماع خاص على خصوص الندبية كما هو واضح، على أن ظاهر النصوص كون وجوب التسليم لأجل حصول التحليل سيما المتضمن منها للتعليل كالمروي (1) عن العلل عن العلة التي من أجلها وجب التسليم في الصلاة قال: (عليه السلام) " لأنه تحليل الصلاة " إلى آخره.
ومن ذلك كله يظهر تقرير الدليل للمصنف بوجه آخر هو أنه قد ثبت حصول التحليل بكل منهما، ولا شئ واجب بعده، فلا يجب حينئذ إلا أحد المحللين، وأظرف شئ دعوى حصول التحليل بالأولى والانصراف والفراغ، وأنه يبقى حرمة المنافيات موقوفة على الصيغة الثانية، ومع التأمل في النصوص والفتاوى يمكن القطع بفساده، بل الاجماع على خلافه، واحتمال البشرى له لا ينافي ذلك خصوصا وقد جزم في آخر ما حكى من كلامه بخلافه، نعم جزم به جماعة من متأخري المتأخرين، وكأنه من جملة أوهامهم.
نعم قد يقال: إن المستفاد من التأمل في النصوص كقوله (عليه السلام) في خبر