بل ولا من المسلمين غير أبي حنيفة، فيمتنع القول به، لاستلزامه الخروج عن إجماع الإمامية، وفيه بعد الاغضاء عن تمام ما فيه أنه يمكن القول بكونه مخرجا اضطراريا أو محرما، فلا يلزم موافقة أبي حنيفة ولا مخالفة الاجماع، كما هو واضح بأدنى تأمل، ثم إنه بعد ذلك بلا فصل قال: وهنا سؤال، وهو أن القائلين باستحباب الصيغتين يذهبون إلى أن آخر الصلاة الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله) فما معنى انقطاع الصلاة بصيغة السلام علينا، والفرض أنها انقطعت، فلا تحتاج إلى قاطع، إلى أن قال: ولا جواب عنه إلا بالتزام أن المصلي قبل هذه الصيغة يكون في مستحبات الصلاة وإن كانت الواجبات قد مضت، وبعد هذا لا يبقى للصلاة أثر، ويبقى ما بعدها تعقيبا لا صلاة، وقد أشعر به رواية الحلبي (1) عن الصادق (عليه السلام) " كلما ذكرت الله به والنبي (صلى الله عليه وآله) فهو من الصلاة، فإذا قلت: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فقد انصرفت " وبهذا يظهر عدم المنافاة بين القول بندبيته وأنه مخرج من الصلاة، إلا أنه يلزم منه بقاؤه في الصلاة بدون الصيغتين وإن طال، ولا استبعاد فيه حتى يخرج عن كونه مصليا أو يأتي بمناف، فإن قلت: البقاء في الصلاة بدون الصيغتين يلزمه تحريم ما يجب تركه ووجوب ما يجب فعله، والأمران منتفيان هنا فينتفي ملزومهما، وهو البقاء في الصلاة، قلت: لا نسلم انحصار البقاء فيها في هذين اللازمين على الاطلاق، إنما ذلك قبل فراغ الواجبات، أما مع فراغها فينتفي هذا اللازمان، ويبقى باقي اللوازم من المحافظة على الشروط وثواب المصلي واستجابة الدعاء، ثم حكى كلام صاحب البشرى.
وفيه ما أشرنا إليه سابقا من أنه متى ثبت كونه في الصلاة ثبت الحرمة والبطلان بسائر المنافيات، لصدق مضمونها المستلزم ذلك، وكون الباقي مندوبا لا يجدي، إذ ليس إبطال الحدث مثلا لعدم التمكن مما بعده من الأجزاء، بل قد عرفت فيما مضى