بغسل الثوب من أبوال الثلاثة، بل ومطلق الدابة، بل وأرواثها، بل ربما يستفاد شدة نجاسته من أبوالها على أحد الوجهين في بعضها، لكنها لمكان القطع بعدم غفلة الأصحاب عنها إذ هي بمرأى منهم ومسمع، وقد خرجت من بين أيديهم مع فقد الدلالة في بعضها والجابر لآخر بل وجميعها بناء على عدم استلزام الأمر بالغسل النجاسة، وموافقتها لمذهب الشافعي وأبي حنيفة وأبي يوسف، واشتمال بعضها على مطلق الدواب مع البغال والحمير مما علم عدم إرادة وجوب الغسل عنه، وآخر على النضح من بول البعير والشاة المقطوع بإرادة الندب منه، كخبر عبد الرحمان بن أبي عبد الله (1) " سأل الصادق (عليه السلام) عن الرجل يصيبه بعض أبوال البهائم أيغسل أم لا؟ قال: يغسل بول الفرس والبغل والحمار، وينضح بول البعير والشاة، وكل شئ يؤكل لحمه فلا بأس ببوله " مضافا إلى عدم ظهور السؤال فيه كغيره عن الوجوب أو الاستحباب حتى يكون الأمر في الجواب مطابقا له، وإلى ما فيه من الاجمال باعتبار الكلية في ذيله الشاملة لما ذكر الأمر بالغسل والنضح عنه، وحمله على إرادة إعطاء الضابط لغير ما تقدم، أو إرادة معتاد الأكل، مع أنهما لا يتمان في المأمور بالنضح عنه ليس بأولى من حمله على إرادة الضابط الشامل للجميع، لكن على إرادة نفي النجاسة منه التي لا ينافيها الأمر الاستحبابي بالغسل أو النضح عنه، ولما في بعضها من الفرق بين البول والروث، فيغسل من الأول دون الثاني، وقد عرفت الاجماع المركب على خلافه، كما أنه في آخر بعد الأمر بالغسل من البول قال: " وأما الأرواث فهي أكبر من ذلك " (2) وهو محتمل لما ينافي الأول بإرادة شدة النجاسة، ولعدمه بإرادة أكثر من أن يغسل بعسر التحرز عنه، إلى غير ذلك من الأمارات الكثيرة القاضية بعدم إرادة الوجوب من تلك الأوامر
(٨٧)