ومن الغريب احتمال أن التذكية الموت بغير حتف الأنف حتى أنه لو قد الحيوان نصفين على عكس القبلة وعدم التسمية كان مذكى، إلا أن يقوم إجماع ونحوه على عدمه كاحتمال أن الموت مانع، ومع الموت بغير حتف الأنف يشك في دخوله تحت اسمه ليتبعه الحكم، إذ هما من الخرافات.
بل لعل الاحتمال السابق أي أن التذكية ليست شرعية لا يحتاج في معناها ولا محلها إلى الشرع، بل المحتاج إليه منه نفس الحكم المترتب على ذلك، فإذا قال مثلا:
المذكى طاهر لم يحتج بعد إلى شئ آخر كذلك أيضا، إذ هو أيضا واضح الفساد، لأن أصل مقابلة الموت بالتذكية إنما هو من الشرع، وإلا فالموت يقابله الحياة لا التذكية، على أنه قد يمنع حينئذ عليه عموم الدليل لكل مذكى بحيث يجري عليه الأحكام وإن بعد، وقوله تعالى (1): " إلا ما ذكيتم " يراد به بالنسبة إلى ما يؤكل لحمه قطعا، كما يدل عليه المستثنى منه.
فالأقوى حينئذ التمسك بأصالة عدم التذكية في كل حيوان شك في قابليته لها وعدمه، فالمسوخ حينئذ والحشرات باقية على مقتضاها حينئذ، لعدم الدليل فالقول بها فيها كالقول بعدمها في السباع لا يصغى إليه كما يأتي مزيد تحقيق ذلك في محله في باب الصيد والذباحة إن شاء الله. وما في الحدائق " الظاهر أنه لا خلاف بين الأصحاب فيما أعلم أن ما عدا الكلب والخنزير والانسان من الحيوانات الطاهرة تقع عليها الذكاة " إلى آخره. لم نتحققه، بل المتحقق خلافه.
وأما ما في المتن والقواعد وغيرهما من استحباب الاجتناب كالذي في المعتبر والمختلف من كراهة الاستعمال قبل الدبغ فلم أقف على ما يقتضي شيئا منهما عدا الخبر الذي ستسمعه، والتفصي من شبهة القول بوجوب الاجتناب قبل الدبغ المحكي عن الشيخ،