وقال في المفاتيح أيضا بعد أن ذكر أن المشهور الطهارة بعلاج وغيره، بقيت العين أولا: " ولو مزجت بالخل فاستهلكت فيه فالمشهور عدم الطهارة، لتنجس الخل بالملاقاة، ولا مطهر له، إذ ليس له حال ينقلب إليها ليطهرها كالخمر، خلافا للشيخ والإسكافي فيما إذا مضى زمان يعلم انقلاب الخمر فيه إلى الخل " انتهى. وتبعه في ذلك الأستاذ في شرحه.
ومع ذلك كله يشهد له التتبع لكلمات الأصحاب مع التأمل فيها والتدبر، حتى عبارة السرائر السابقة، منها ما في النافع والكتاب والتحرير والدروس بل والإرشاد لاطلاقهم عدم طهارة المستهلك، وتصريح بعضهم بخلاف الشيخ وأنه متروك ولا وجه له، خصوصا وعبارة الشيخ لا صراحة فيها بإرادة انقلاب ذلك الخمر الباقي، لاحتمالها إرادة الممزوج منه، قال فيها: " إذا وقع شئ من الخمر في الخل لم يجز استعماله إلا بعد أن يصير ذلك الخمر خلا " بجعل الإشارة فيها إليه، فعده حينئذ مخالفا كالصريح فيما قلنا، واحتمال إرادة الإرشاد ونحوه الرد بذلك على أبي حنيفة القائل بالطهارة والحلية بالاستهلاك يدفعه الملاحظة له ولغيره مع التأمل والتدبر.
ومع ذلك كله فهو الموافق لمقتضى الأدلة، ضرورة اقتضاء الأصل عدم طهارة الخل المتنجس بالخمر، لفقد سائر المطهرات، بل ولا الخمر كما في شرح الأستاذ " لأنها وإن استهلكت في الخل إلا أن الخل نجس، فهي مستهلكة في الشئ النجس، فيكون نجسة البتة، لأنها صارت خلا نجسا " انتهى السالم عن معارضة ما دل على طهارة الخمر بالتخليل القاضي بطهارة ما يعالج به تبعا، حتى صحيح ابن المهتدي بعد تنزيله على المتعارف المعتاد من عدم استهلاك المعالج بالمعالج به ليكون تابعا له، بل هو المنساق من تلك الأخبار، ضرورة ظهورها حتى الصحيح السابق في بقاء الموضوع المنقلب إلى الخل لا مع هلاكه.