وأما الثالث وهو المسوخ فالمشهور نقلا وتحصيلا طهارة ما عدا الكلب والخنزير منها عينا وسؤرا ولعابا شهرة كادت تكون إجماعا، بل لعله الظاهر من المحكي عن الناصريات، حيث قال: " عندنا أن سؤر جميع البهائم من ذوات الأربع والطيور طاهر سوى الكلب والخنزير " بل هو صريح الغنية فيما عداهما وعدا الثعلب والأرنب من الحيوان ذي الأربع وفي الطير والحشرات، بل لعله ضروري في بعضها كالزنبور ونحوه مما علم من طريقة المسلمين وسيرتهم طهارته، مع ما في نجاسته من العسر والحرج، وكالضروري في آخر مما لا نفس له سائلة منها، لما تقدم من الاجماعات وغيرها على طهارة ميتته المستلزمة طهارته حيا بالأولى.
ويدل عليها مضافا إلى ما تقدم في الثعلب والأرنب والفأرة والوزغة والعقرب منها سابقا هنا وفي باب الأسئار الأصل والعمومات، وما دل على طهارة سؤرها من صحيح البقباق (1) وغيره (2) وعلى طهارة العاج (3) وعظام الفيل (4) ونحو ذلك، فما في المراسم والوسيلة وعن الاصباح من نجاسة لعابها ضعيف لا نعرف له مأخذا يعتد به، كالمحكي عن صريح أطعمة الخلاف من نجاسة المسوخ كلها، وظاهر بيعه، وحيث علل عدم جواز بيع القرد بالاجماع على أنه مسخ نجس، وأنه لا يجوز بيع ما كان كذلك، كالمحكي عن بيع مبسوطه، حيث قال: " لا يجوز بيع الأعيان النجسة كالكلب والخنزير وجميع المسوخ " مع احتمال العطف فيه على المشبه لا المشبه به، واحتمال قراءة ما في الخلاف " النحاسة " بالحاء المهملة أو بالجيم على إرادة معناها من الخباثة ونحوها لا المعنى المتعارف، كما يؤيده حكمه في الخلاف أيضا بجواز التمشط بالعاج، واستعمال المداهن منه مدعيا عليه