بذلك، فعندها يكون خارجا عن الاسلام والايمان داخلا في الكفر، وكان بمنزلة من دخل الحرم ثم دخل الكعبة وأحدث في الكعبة حدثا فأخرج عن الكعبة وعن الحرم، فضربت عنقه " الحديث.
مضافا إلى إطلاق كثير من النصوص (1) المتفرقة في الأبواب وترك الاستفصال في جملة منها مع الحكم بكفر منكر الضروري بمجرد إنكاره من غير تربص في حاله أنه لشبهة أم لا، ومع ذلك كله فلعل وجهه أن إنكار الضروري ممن لا ينبغي خفاء الضرورة عليه كالمتولد في بلاد الاسلام حتى شاب إنكار للشريعة والدين، واحتمال الشبهة في حقه بل وتحققها بحيث علمنا أنه لم يكن ذلك منه لانكار النبي صلى الله عليه وآله أو الصانع غير مجد، إذ هو في الحقيقة كمن أظهر إنكار النبي بلسانه عنادا وكان معتقدا نبوته بجنانه، لأن إنكاره ذلك الضروري بمنزلة قوله: إن هذا الدين ليس بحق، فلا يجدي اعتقاده حقيته.
ويؤيد ذلك حكمهم بكفر الخوارج ونحوهم ممن هو مندرج في هذا القسم، واستحقاقهم القتل وغيره من أحكام الكفار مع العلم اليقيني بأن منهم إن لم يكن جميعهم من لم يدخله شك في ربه أو نبيه فضلا عن إنكاره لهما بقلبه.
فدعوى أن إنكار الضروري يثبت الكفر إن استلزم إنكار النبي مثلا، فمتى علم أن ذلك كان لشبهة وإلا فاعتقاده بالنبي صلى الله عليه وآله مثلا ثابت لم يحكم بكفره لا شاهد عليها، بل هي مخالفة لظاهر الأصحاب، وكان منشأها عدم وضوح دليل الكفر بدونها على مدعيها، وقد عرفت أن ذلك الانكار المستلزم في نفسه لانكار ذلك الدين وإن لم يكن كذلك عند المنكر بدليل تسالم الأصحاب على ثبوت الكفر به.