آخر: ان العقاب يكون على نفس العمل الذي يكون مخالفا للتكليف امرا أو نهيا، أو ان ملاك الثواب والعقاب هو ما يتصف به العبد من كونه في مقام الإطاعة والامتثال، أو كونه في مقام المعصية والمخالفة وإن لم يتحقق منه المخالفة فعلا، نعم يشترط فيه إظهار هذه الصفة النفسية، فلا يتحقق العقاب على مجرد كون العبد في مقام المعصية - لو اطلع عليه المولى - مع عدم إظهار ذلك بمظهر.
فموضوع النزاع هو: ان العقاب والثواب يترتب على نفس المخالفة والموافقة للتكليف أو يترتب على الانقياد والتجري، والأول كون العبد في مقام الإطاعة مع إظهار ذلك. والثاني كونه في مقام المعصية مع إظهاره أيضا، لا مجرد الصفة النفسانية فإنها لا تقضي فإنها لا تقتضي ثوابا ولا عقابا.
فمع الالتزام بان العقاب يترتب على نفس التجري ولو لم تحصل المخالفة للتكليف، لان ملاك العقاب هو طغيان العبد على المولى الموجب لبعده عنه والحاصل بالتجري - كما عليه المحقق الخراساني (1) -، لا بد من الالتزام بان العقاب يتحقق عند ترك المقدمة لتحقق التجري به، واظهار عدم المبالاة بامر المولى، ولأجل ذلك التزم صاحب الكفاية ههنا بترتب العقاب عند ترك المقدمة.
ومع عدم الالتزام بذلك، والالتزام بان موضوع العقاب نفس المخالفة فلا عقاب على التجري ما لم يصادف الواقع - كما يظهر من الشيخ (رحمه الله) (2) -، كان الوجه الالتزام - فيما نحن فيه - بترتب العقاب في ظرف الواجب، إذ لا يتحقق ترك الواجب ومخالفته بمجرد ترك المقدمة، لتقيده بظرف خاص وهو بعد لم يأت.
وبالجملة: لا بد من بناء الحق في المقام على ما يحقق في مسالة التجري من