وإن أراد أن التعبد بصحة العمل رأسا عند الشك فيها وإن كان ثابتا - كما هو مفاد قاعدة الفراغ - إلا أن الشك المذكور ناشئ دائما عن الشك في وجود الجزء أو الشرط، الذي هو موضوع قاعدة التجاوز، فليس معنى هذا رجوع وحدة القاعدة ولا رجوع قاعدة الفراغ لقاعدة التجاوز، بل تلازم موضوعيهما، وهو أجنبي عما نحن فيه.
الوجه الخامس: ما قد يظهر من شيخنا الأعظم قدس سره من احتمال اختصاص نصوص المقام بقاعدة التجاوز المتضمنة للتعبد بوجود الشئ بمفاد كان التامة، وأن البناء على صحة العمل الواقع عند الشك في حاله مبني على أصل آخر أجنبي عن مفاد هذه النصوص، وهو أصالة الصحة في فعل الفاعل القاصد للصحيح.
ويظهر الاشكال فيه مما تقدم من ظهور بعض نصوص المقام في التعبد بصحة العمل رأسا.
وقد تحصل من جميع ما ذكرنا: أنه لا مجال لتخصيص مفاد النصوص بإحدى القاعدتين، وأن الاتحاد لابد أن يرجع إلى فرض دلالتها على قاعدة تعمهما، معا، كما هو مفاد الوجه الأول، الذي تقدم إمكانه ثبوتا، فلابد من النظر في حاله إثباتا، وأن النصوص تفي به، أو بتعدد القاعدة.
وقد يقرب القول بالتعدد بأن ظاهر الشك في الشئ هو الشك في وجوده، لأنه المنصرف عند حذف المتعلق بعد امتناع تعلق الشك بمفاد المفرد، بل لابد من تعلقه بالنسبة، ولا سيما في صحيحي زرارة وإسماعيل بن جابر لما في صدرهما من فرض الشك في الاجزاء الظاهر منه الشك في وجودها لا في صحتها مع فرض وجودها، ولا سيما مثل الركوع والسجود، حيث لا يحتمل فيهما البطلان، لاجزاء مسماهما، فلابد من حمل الخروج والتجاوز فيهما على التجاوز عن محل المشكوك، لا عن نفسه.