وبعبارة أخرى: يعتبر في الاستصحاب أن يكون هناك متيقن ومشكوك متحد معه ذاتا، ومباين له زمانا، ومتصل به، ليكون بقاء له - كما تقدم - والمشكوك في المقام لا يعلم بمباينته للمتيقن، بل لا يحتمل كونه بقاء له، بل يحتمل اتحاده معه، لتردد المتيقن بين اليومين، وفي مثل ذلك لا يجري الاستصحاب، إذ ليس مفاده تعيين المعلوم بالاجمال، بل التعبد ببقاء المعلوم واستمراره وطول أمده عند الشك فيه. فلاحظ.
وثالثا: أن فصل الليل بين يومي الترديد موجب لكون المقام من تعاقب الحالتين المتضادتين مع العلم بتاريخ إحداهما والجهل بتاريخ الأخرى، وهي اليوم الأول في المقام، ويأتي في محله عدم جريان الاستصحاب في مجهولة التاريخ منهما إما ذاتا، أو للمعارضة بالاستصحاب الجاري في معلومة التاريخ، وهو في المقام استصحاب عدم وجود اليوم الأول، للعلم به في الليلة المتوسطة.
الثالث: ما ذكره بعض الأفاضل من السادة المعاصرين رحمه الله من أن المستفاد من أدلة إناطة الصوم والافطار بالرؤية كون عدمها أمارة على تمامية الشهر وكونه ثلاثين يوما، وكأنه مبني على ما في كلماتهم من حجية الامارة في لازم مؤداها، بخلاف الأصل.
وفيه.. أولا: أنه لا إشعار في النصوص المذكورة بأمارية عدم الرؤية على تمامية الشهر، بل المتيقن منها بضميمة ارتكاز كون الرؤية دليلا على النقض أن البناء على التمامية مع عدمها لعدم الدليل على الخلاف، حيث يكون مقتضى الأصل البناء على البقاء، لما هو المعلوم من احتياج الا مارية إلى عناية زائدة لا اشعار في النصوص بها.
وثانيا: أنه تقدم إنكار عموم حجية الامارة في لازم مؤداها، وأنها كالأصل تحتاج في ذلك إلى دليل خاص، فمع فرض عدم قيام الدليل على ذلك لا تنفع الا مارية في الحجية في لازم المؤدى، ومع قيام الدليل عليه لا يضر فيه كون