بنفسه، ولا يستصحب عدمه، لان عدم المنع قبل التشريع ومن الأزل لا يرجع للترخيص الذي هو حكم شرعي.
وأشكل من ذلك ما تضمنه التقرير الثاني من اختصاص المعارضة بالأحكام الالزامية، فإن مقتضى الجمود عليه عدم تأتي المعارضة في الحكم الاقتضائي غير الإلزامي، كالاستحباب والكراهة.
وهو كما ترى لعدم الريب في تبعيتها للتشريع وعدم كونها أزلية. فلو تم ما ذكره من المعارضة لجرى في جميع الأحكام الخمسة. غاية الامر أنه بعد تساقط الاستصحابين في الترخيص يجري استصحاب عدم المنع الشرعي الأزلي، وهو كاف في السعة عقلا وإن لم يحرز الترخيص. ومن ثم استدل به على البراءة، كما سبق في محله.
ومثله ما في التقرير المذكور من عدم المعارضة في استصحاب الطهارة من الخبث، لأنها نظير الإباحة لا تحتاج إلى الجعل، بل الأشياء كلها على الطهارة ما لم تعتبر النجاسة فيها شرعا، وكذا الطهارة من الحدث لو فرض الشك في انتقاضها بمثل المذي، لان النقض هو المحتاج إلى الجعل، بل استصحاب عدم جعل المذي ناقضا موافق لاستصحاب الطهارة.
لاندفاعه: بوضوح أن الطهارة بقسميها حكم شرعي مجعول كالنجاسة، وعدم احتياج الطهارة الخبثية للبيان، لموافقتها للأصل لا يستلزم كونها أزلية.
وكون النقض محتاجا للبيان لا ينافي كون بقاء الطهارة بحكم شرعي مجعول.
وإلا فأكثر الأحكام الوضعية من الملكية والزوجية والنجاسة مبنية على البقاء ونقضها محتاج للجعل والبيان.
واستصحاب عدم جعل المذي ناقضا مثبت، لان ترتب بقاء الطهارة على عدم جعل الشئ ناقضا ليس شرعيا، بل خارجي. مع أنه لو تم كان حاكما على استصحاب الطهارة، لأنه سببي.