توجيهه.
الثاني: ما ذكره بعض مشايخنا من أنه بعد مضي آن من ثاني يومي الترديد في أول الشهر يقطع بتحقق أول الشهر ويشك في انتهائه، لتردده بين الأولى المنقضي واللاحق الباقي، فيستصحب وتترتب أحكامه، وهكذا بقية أيام الشهر.
وفيه.. أولا: أن ذلك لا ينهض إلا بإثبات أحكام محض وجود اليوم الأول، دون إثبات استيعابه لو فرض كونه موردا للأثر، كوجوب الصوم أو استحبابه، لوضوح أن الصوم الواجب أو المستحب هو المستوعب لليوم الأول، ومن الظاهر أن استصحاب اليوم الأول في ثاني يومي الترديد لا يثبت كون صومه صوما لتمام اليوم الأول، بعد احتمال انطباقه على أول يومي الترديد.
كما لا ينهض بإثبات أحكام العناوين غير القابلة للبقاء، كما لو فرض استحباب الجلوس عند ظهر اليوم الأول في المسجد، فإن الظهر لا يحتمل فيه البقاء، بل ليس في البين إلا التردد فيه بين ظهري اليومين، وبتحقق ظهر اليوم الثاني يعلم بتحققه سابقا أو لاحقا، من دون أن يشك في بقائه، كي يستصحب.
وثانيا: أنه لا مجال للاستصحاب من الان الأول من اليوم المذكور، لان الان المذكور زمان للعلم بتحقق اليوم الأول، لا زمان للمعلوم، وهو نفس اليوم الأول، الذي يراد استصحابه، بل هو متردد بين اليومين المعلوم انقضاء أحدهما وابتداء الاخر، فالعلم في الآن المذكور بوجود اليوم الأول ليس بمعنى العلم بفعلية وجوده في الان المذكور، والشك في استمراره وامتداده بعده، بل بمعنى العلم بوجوده في الجملة إما سابقا مع انقضائه، أو فعلا حين الشك فيه.
واحتمال بقاء اليوم الأول في اليوم المذكور إنما هو بمعنى احتمال انطباق اليوم المعلوم الوجود عليه، لا بمعنى احتمال امتداده إليه واستمراره فيه الذي هو موضع الاستصحاب.