تارة: يكون من شؤون ماهيته أو لوازمها مع قطع النظر عن وجوده، كزوجية الأربعة.
وأخرى: يكون من لوازم وجوده أو مقارناته، بحيث لا يعلم بانفكاكه عنه حين وجوده، كقرشية المرأة.
وثالثة: يكون من طوارئه بعد الوجود، كالبلوغ.
أما الأول فلا إشكال في عدم جريان الاستصحاب العدمي فيه لو فرض الشك في حال الموضوع وتردده بين الواجد والفاقد، إذ لو فرض اتصاف الموضوع به واقعا لم يصح سلبه عنه، وصح حمله عليه في فرض تقرره الذي هو لازم موضوعيته في القضية وإن كانت سالبة، فلا يقين بسلبه عنه حتى بلحاظ حال ما قبل وجود الموضوع، كي يستصحب.
والمعيار في ذلك على كون المحمول لازم ماهية الموضوع بماله من الحدود ولو كانت جزئية، لا خصوص لازم الماهية النوعية.
ومن ثم استشكل غير واحد في استصحاب عدم الكرية أزلا..
بدعوى: أن الكرية وإن لم تكن من لوازم ماهية الماء النوعية، لعدم أخذ كم خاص في ماهية الماء، إلا أنها لما كانت من سنخ المقادير المنتزعة من نفس الاجزاء المجتمعة في الوجود فهي لو ثبتت للفرد كانت من لوازم ماهيته المقومة له، ولم تكن متيقنة العدم فيه حتى بلحاظ حال ما قبل وجوده.
وإن كان الظاهر اندفاع ذلك: بأن الكرية لما كانت متقومة بالوزن والمساحة فهي من عوارض الوجود القابلة للانفكاك عنه لمؤثرات خارجية، كضعف الجاذبية الموجب لخفة الوزن، والبرودة الموجبة للتقلص وقلة المساحة. وقد أطلنا الكلام في ذلك في مسألة الشك في الكرية من الفقه.
وأما الثاني فلا إشكال في جريان الاستصحاب العدمي فيه، ولا يبتني على استصحاب العدم الأزلي.