إلا رجاء التحقق، من غير دخول سائر اللوازم في الموضوع له، ومنها الجهل والعجز مثلا، بل لا بد هنا من منشأ، وهو أعم من العلاقة الإمكانية الملازمة للجهل والعجز، أو المحبة الوجوبية المقارنة مع العلم والقدرة.
وبعبارة أخرى: جميع الترجيات والتمنيات في الكتاب والسنة حقيقية، لأن ميزان الحقيقي والإنشائي: هو أنه إن كان في المتكلم محبة وعلاقة بالنسبة إلى تحقق المرجو والمتمني، فهو حقيقي، وإلا فهو إنشائي وصوري.
وهذا يتصور في حقه تعالى، لأنه مع علمه وقدرته يحب هداية فرعون، ولكن للزوم المفاسد في النظام الأتم مثلا، لا يمكن تعلق المشية به، ولذلك ورد:
* (فلو شاء لهداكم أجمعين) * (1) وعدم القابلية وعدم إمكان الجمع بين لوازم الخلق، لا يورث قصورا في الخالق، فعند ذلك يصح أن يقال: * (لعله يتذكر أو يخشى) * (2) من غير كونه صوريا، فما ترى في الكتب من التخيلات، وحملها على المجازات (3) كما أشير إليه، غير مرضي، لعدم الاحتياج إليه بعد وضوح حملها على الحقيقة، وبعد إمكان تعلق الرجاء والتمني للمستحيلات، فافهم واغتنم.
وفي الاستفهام ليس إلا طلب الفهم القائم مقام حركة اليد في الطلب، ولكنه كما يحصل بحركة اليد طلب الفهم الواقعي والحقيقي، كذلك بها يحصل معنى الاستفهام الإنكاري، فما ترى في كتاب ابن هشام من جعل معنى همزة الاستفهام قريبا من السطر الواحد (4)، لا يخلو من تأسف.