لذلك: أن هذا هو مقتضى كون مؤدى الأصول أحكاما ظاهرية، فإن معنى الحكم الظاهري، ليس إلا ترتيب آثار الواقع ما دام الشك، وإذا زال الشك، وانكشف الإخلال بالواقع، فلا بد من حفظ الواقع، لإطلاق دليله، فعليه الإعادة والقضاء، ولا يجوز ترتيب الآثار على المركب الناقص، عقودا كانت، أو إيقاعات، بناء على إمكان إجراء بعض الأصول فيها في الشبهة الحكمية.
وأما ما يقوله صاحب " الكفاية " والوالد المحقق - مد ظله وعفي عنهما -: من حديث الحكومة والتوسعة (1)، فهو يرجع إلى إنكار كون الأصلين في المفاد حكما ظاهريا، كما عرفت منا، وتصير النتيجة على رأيهم: أن ما هو الموضوع للطهارة الظاهرية هو " المشكوك " وهكذا للحلية الظاهرية. وهذا ليس من الحكومة، لاختلاف الموضوعين، وعند ذلك لا معنى للحكومة رأسا، بل هو مصداق الطهارة الواقعية.
وهذا في حد ذاته صحيح، إلا أنه خلاف بنائهم في الأصول: من أن مؤداها الأحكام الظاهرية، فإن معنى ذلك أن ما هو موضوع النجاسة والحرمة، هو موضوع الحلية والطهارة حال الشك، ولذلك يلزم التضاد واجتماع المثلين.
ويرتفع ذلك التعاند: بأن الثاني ادعائي بلحاظ الأثر، لا واقعي، وعند ذلك لا يعقل تعرضهما لحال ارتفاع الموضوع، وهو الشك، فإذا زال الشك يعلم بقاء الأمر بالطبيعة، فلا معنى لدعوى: أنه قد أتى بالوظيفة، وقد سقط الأمر، ولا يكون أمر آخر متعلقا بها، كما ترى في كلماته - مد ظله - (2) فلاحظ وتدبر جيدا.