جدا، ولا يمكن إرجاعها إلى عنوان واحد هو الخارج، كما لا يخفى.
هذا مع أنه لا يمكن التمسك بهذا العام المخصص لرفع الشك في التعبدية، لأنه من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية.
ثم إن الظاهر من المآثير المذكورة: أن المراد من " النية " ليس القربة والعبودية، بل هي وجه العمل، وما به تمتاز الأفعال المشتركة في الخارج بعضها عن بعض، كالعناوين الملحوظة تنويعا للطبيعة أو غير ذلك.
مثلا: لا يقع جواب السلام إلا بالنية، أي بقصد الرد والجواب، ولا يكون هو السلام الابتدائي إلا بالنية، فالأفعال الخارجية المشتركة بين التعظيم والتحقير لا تكون تعظيما إلا بالقصد ولا توهينا إلا بالنية.
وربما إليه يرجع قوله (عليه السلام) - على ما في بعض الأخبار -: " وضع إحدى اليدين على الأخرى عمل، ولا عمل في الصلاة " (1) فإنه يأتي بذلك بعنوان التشريع، وأنه من الصلاة، فإن العمل ليس عملا إلا بالنية، ولو نوى من ذلك الوضع أمرا آخر - وهو حك جسده، أو غير ذلك - فلا يكون مبطلا للصلاة، فافهم واغتنم.
نعم، ظاهر قوله: " لكل امرئ ما نوى " أن المنوي أمر ذو ثواب، أو هو نفس الثواب، لقرينة " اللام " فيكون ناظرا إلى أن جلب الحسنات بالنية، وهذا لا يورث أن دفع المضرات والشرور والعقاب بها أيضا، كما هو المعلوم.
ثم إنه يلزم لو كان يصح الاستناد إليها، عدم صحة الاستناد، لما مر من خروج جمع من الواجبات التوصلية عنه خروجا مستهجنا، لأن ادعاء أن العمل غير القربى ليس بعمل، يناقض ترتيب آثار العمل على عدة كثيرة من الأعمال التوصلية، كما لا يخفى.
هذا كله حول الوجوه اللفظية لإثبات أصالة التعبدية.