النسي في كلام العرب: الشئ الحقير الذي من شأنه أن ينسى ولا يذكر ولا يتألم لفقده كالوتد والحبل، ومنه قول الكميت:
أتجعلنا خسرا لكلب قضاعة * ولسنا بنسى: في معد ولا دخل وقال الفراء: النسي ما تلقيه المرأة من خرق اعتلالها، فتقول مريم (نسيا منسيا) أي حيضة ملقاة، وقد قرئ بفتح النون وكسرها، وهما لغتان مثل الحجر والحجر، والوتر والوتر. وقرأ محمد بن كعب القرظي " نساء " بالهمز مع كسر النون. وقرأ نوف البكالي بالهمز مع فتح النون. وقرا بكر بن حبيب " نسيا " بفتح النون وتشديد الياء بدون همز، والمنسي المتروك الذي لا يذكر ولا يخطر ببال أحد من الناس (فناداها من تحتها) أي جبريل لما سمع قولها، وكان أسفل منها تحت الأكمة، وقيل تحت النخلة، وقيل المنادى هو عيسى. وقد قرئ بفتح الميم من " من " وكسرها. وقوله (ألا تحزني) تفسير للنداء: أي لا تحزني أو المعنى بأن لا تحزني على أنها المصدرية (قد جعل ربك تحتك سريا) قال جمهور المفسرين: السرى النهر الصغير، والمعنى: قد جعل ربك تحت قدمك نهرا. قيل كان نهرا قد انقطع عنه الماء، فأرسل الله فيه الماء لمريم، وأحيا به ذلك الجذع اليابس الذي اعتمدت عليه حتى أورق وأثمر، وقيل المراد بالسرى هنا عيسى، والسري: العظيم من الرجال، ومنه قولهم فلان سرى: أي عظيم، ومن قوم سراة: أي عظام (وهزى إليك بجذع النخلة) الهز التحريك: يقال هزه فاهتز، والباء في بجذع النخلة مزيدة للتوكيد. وقال الفراء: العرب تقول هزه وهز به، والجذع هو أسفل الشجرة. قال قطرب: كل خشبة في أصل شجرة فهي جذع، ومعنى إليك: إلى جهتك، وأصل تساقط تتساقط فأدغم التاء في السين. وقرأ حمزة والأعمش " تساقط " مخففا. وقرأ عاصم في رواية حفص والحسن بضم التاء مع التخفيف وكسر القاف.
وقرئ " تتساقط " بإظهار التاءين. وقرئ بالتحتية مع تشديد السين. وقرئ " تسقط، ويسقط ". وقرأ الباقون بإدغام التاء في السين، فمن قرأ بالفوقية جعل الضمير للنخلة، ومن قرأ بالتحتية جعل الضمير للجذع، وانتصاب (رطبا) على بعض هذه القراءات للتمييز، وعلى البعض الآخر على المفعولية لتساقط. قال المبرد والأخفش:
يجوز انتصاب رطبا بهزي: أي هزي إليك رطبا (جنيا) بجذع النخلة: أي على جذعها، وضعفه الزمخشري، والجني المأخوذ طريا. وقيل هو ما طلب وصلح للاجتناء، وهو فعيل بمعنى مفعول. قال الفراء: الجني والمجني واحد، وقيل هو فعيل بمعنى فاعل: أي رطبا طريا طيبا (فكلى واشربي) أي من ذلك الرطب وذلك الماء، أو من الرطب وعصيره، وقدم الأكل مع أن ذكر النهر مقدم على الرطب، لأن احتياج النفساء إلى أكل الرطب أشد من احتياجها إلى شرب الماء، ثم قال (وقرى عينا) قرأ الجمهور بفتح القاف. وحكى ابن جرير أنه قرئ بكسرها قال: وهى لغة نجد. والمعنى: طيبي نفسا وارفضي عنك الحزن، وهو مأخوذ من القر والقرة وهما البرد، والمسرور أحمد بارد القلب ساكن الجوارح، وقيل المعنى: وقرى عينا برؤية الولد الموهوب لك. وقال الشيباني:
معناه نامي. قال أبو عمرو: أقر الله عينه: أي أنام عينه وأذهب سهره (فإما ترين من البشر أحدا) أصله ترءيين:
مثل تسمعين خففت الهمزة وسقطت النون للجزم وياء الضمير للساكنين بعد لحوق نون التوكيد، ومثل هذا مع عدم لحوق نون التوكيد قول ابن دريد:
أما ترى رأسي حاكى لونه * طرة صبح تحت أذيال الدجى وقرأ طلحة وأبو جعفر وشيبة " ترين " بسكون الياء وفتح النون مخففة. قال أبو الفتح: وهى شاذة، وجواب الشرط (فقولي إني نذرت للرحمن صوما) أي قولي إن طلب منك الكلام أحد من الناس إني نذرت للرحمن صوما