وقال الفراء: في محل نصب بمعنى لأن دعوا. وقال الكسائي: هو في محل خفض بتقدير الخافض، وقيل في محل رفع على أنه فاعل هدا. والدعاء بمعنى التسمية: أي سموا للرحمن ولدا، أو بمعنى النسبة أي نسبوا له ولدا (وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا) أي لا يصلح له ولا يليق به لاستحالة ذلك عليه لأن الولد يقتضى الجنسية والحدوث، والجملة في محل نصب على الحال: أي قالوا اتخذ الرحمن ولدا. أو أن دعوا للرحمن ولدا، والحال أنه ما يليق به سبحانه ذلك (إن كل من في السماوات والأرض) أي ما كل من السماوات والأرض (إلا) وهو (آتي) الله يوم القيامة مقرا بالعبودية خاضعا ذليلا كما قال - وكل أتوه داخرين - أي صاغرين. والمعنى: أن الخلق كلهم عبيده فكيف يكون واحد منهم ولدا له؟ وقرئ " آت " على الأصل (لقد أحصاهم) أي حصرهم وعلم عددهم (وعدهم عدا) أي عد أشخاصهم بعد أن حصرهم فلا يخفى عليه أحد منهم (وكلهم آتيه يوم القيامة فردا) أي كل واحد منهم يأتيه يوم القيامة فردا لا ناصر له ولا مال معه كما قال سبحانه - يوم لا ينفع مال ولا بنون -.
وقد أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله (ويكونون عليهم ضدا) قال: أعوانا. وأخرج عبد بن حميد عنه (ضدا) قال: حسرة. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضا قال (تؤزهم أزا) تغويهم إغواء. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضا (تؤزهم أزا) قال: تحرض المشركين على محمد وأصحابه. وأخرج وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال: تزعجهم إزعاجا إلى معاصي الله وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن ابن عباس (وفدا) قال: ركبانا. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر عن أبي هريرة (وفدا) قال: على الإبل. وفى الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " يحشر الناس يوم القيامة على ثلاث طرائق: راغبين وراهبين واثنان على بعير وثلاثة على بعير وأربعة على بعير وعشرة على بعير، وتحشر بقيتهم النار تقيل معهم حيث قالوا، وتبيت معهم حيث باتوا " والأحاديث في هذا الباب كثيرة جدا. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن ابن عباس (وردا) قال: عطاشا. وأخرج ابن المنذر عن أبي هريرة مثله. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله (إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا) قال: شهادة أن لا إله إلا الله، وتبرأ من الحول والقوة، ولا يرجو إلا الله. وأخرج ابن مردويه عنه في الآية قال: من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة. وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن مسعود أنه قرأ (إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا) قال: إن الله يقول يوم القيامة: من كان له عندي عهد فليقم، فلا يقوم إلا من قال هذا في الدنيا، قولوا: اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة إني أعهد إليك في الحياة الدنيا أنك إن تكلني إلى عملي تقربني من الشر وتباعدني من الخير، وإني لا أثق إلا برحمتك، فاجعله لي عندك عهدا تؤديه إلي يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " من أدخل على مؤمن سرورا فقد سرني، ومن سرني فقد اتخذ عند الرحمن عهدا، ومن اتخذ عند الرحمن عهدا فلا تمسه النار، إن الله لا يخلف الميعاد ". وأخرج الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " من جاءنا بالصلوات الخمس يوم القيامة قد حافظ على وضوئها ومواقيتها وركوعها وسجودها لم ينقص منها شيئا جاء وله عند الله عهد أن لا يعذبه، ومن جاء قد انتقص منهم شيئا فليس له عند الله عهد، إن شاء رحمه وإن شاء عذبه ". وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله (لقد جئتم شيئا إدا) قال: قولا عظيما. وفى قوله (يكاد السماوات) قال: إن