" إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، يجاء بالموت كأنه كبش أملح، فيوقف بين الجنة والنار فيقال:
يا أهل الجنة هل تعرفون هذا؟ فيشرئبون وينظرون إليه فيقولون نعم هذا الموت، وكلهم قد رآه، ثم ينادي يا أهل النار هل تعرفون هذا؟ فيشرئبون وينظرون فيقولون نعم هذا الموت، وكلهم قد رآه، فيؤمر به فيذبح ويقال:
يا أهل الجنة خلود فلا موت، ويا أهل النار خلود فلا موت، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (وأنذرهم يوم الحسرة) الآية، وأشار بيده قال: أهل الدنيا في غفلة ". وأخرج النسائي وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي هريرة مرفوعا نحوه. وأخرج ابن جرير من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، قال: يوم الحسرة: هو من أسماء يوم القيامة، وقرأ - أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله -، وعلى هذا ضعيف، والآية التي استدل بها ابن عباس لا تدل على المطلوب لا بمطابقة ولا تضمن ولا التزام سورة مريم الآية (41 - 50) قوله (واذكر) معطوف على وأنذر، والمراد بذكر الرسول إياه في الكتاب أن يتلو ذلك على الناس كقوله - واتل عليهم نبأ إبراهيم - وجملة (إنه كان صديقا نبيئا) تعليل لما تقدم من الأمر لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأن يذكره، وهي معترضة ما بين البدل والمبدل منه، والصديق كثير الصدق، وانتصاب نبيئا على أنه خبر آخر لكان: أي أذكر إبراهيم الجامع لهذين الوصفين، و (إذ قال لأبيه) بدل اشتمال من إبراهيم، وتعليق الذكر بالوقت مع أن المقصود تذكير ما وقع فيه من الحوادث للمبالغة، وأبو إبراهيم هو آزر على ما تقدم تقريره، والتاء في يا أبت عوض عن الياء، ولهذا لا يجتمعان، والاستفهام في (لم تعبد) للإنكار والتوبيخ (ما لا يسمع) ما تقوله من الثناء عليه والدعاء له (ولا يبصر) ما تفعله من عبادته ومن الأفعال التي تفعلها مريدا بها الثواب، ويجوز أن يحمل نفي السمع والإبصار على ما هو أعم من ذلك: أي لا يسمع شيئا من المسموعات، ولا يبصر شيئا من المبصرات (ولا يغنى عنك شيئا) من الأشياء، فلا يجلب لك نفعا ولا يدفع عنك ضررا، وهى الأصنام التي