كان يفتى من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وأخرج ابن مردويه عنه قال: كان قوم من أهل مكة قد أسلموا وكانوا يستخفون بالإسلام فنزلت فيهم (ثم إن ربك للذين هاجروا) الآية فكتبوا إليهم بذلك إن الله قد جعل لكم مخرجا فأخرجوا، فأدركهم المشركون فقاتلوهم فنجا من نجا، وقتل من قتل. وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن أن عيونا لمسيلمة أخذوا رجلين من المسلمين فأتوه بهما. فقال لأحدهما: أتشهد أن محمدا رسول الله؟
قال: نعم، قال: أتشهد أنى رسول الله؟ فأهوى إلى أذنيه فقال: إني أصم، فأمر به فقتل، وقال للآخر:
أتشهد أن محمدا رسول الله؟ قال: نعم. قال: أتشهد أنى رسول الله؟ قال: نعم، فأرسله فأتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال له أما صاحبك فمضى على إيمانه. وأما أنت فأخذت بالرخصة. وهو مرسل.
سورة النحل الآية (112 - 119) قوله (وضرب الله مثلا قرية) قد قدمنا أن ضرب مضمن معنى جعل حتى تكون قرية المفعول الأول ومثلا المفعول الثاني، وإنما تأخرت قرية لئلا يقع الفصل بينها وبين صفاتها. وقدمنا أيضا أنه يجوز أن يكون ضرب على بابه غير مضمن ويكون مثلا مفعوله الأول وقرية بدلا منه. وقد اختلف المفسرون هل المراد بهذه القرية قرية معينة، أو المراد قرية غير معينة، بل كل قوم أنعم الله عليهم فأبطرتهم النعمة؟ فذهب الأكثر إلى الأول وصرحوا بأنها مكة، وذلك لما دعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال: " اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسني يوسف "، فابتلوا بالقحط حتى أكلوا العظام. والثاني أرجح لأن تنكير قرية يفيد ذلك، ومكة تدخل في هذا العموم البدلي دخولا أوليا، وأيضا يكون الوعيد أبلغ، والمثل أكمل، وغير مكة مثلها، وعلى فرض إرادتها ففي المثل إنذار لغيرها من مثل عاقبتها، ثم وصف القرية بأنها (كانت آمنة) غير خائفة (مطمئنة) غير منزعجة: أي لا يخاف أهلها ولا ينزعجون (يأتيها رزقها) أي ما يرتزق به أهلها (رغدا) واسعا (من كل مكان)