والخطأ الاسم يقوم مقام الأخطاء، وفيه لغتان القصر، وهو الجيد، والمد وهو قليل. وقرأ ابن كثير بكسر الخاء وفتح الطاء ومد الهمز. قال النحاس: ولا أعرف لهذه القراءة وجها، وكذلك جعلها أبو حاتم غلطا. وقرأ الحسن " خطا " بفتح الخاء والطاء منونة من غير همز. ولما نهى سبحانه عن قتل الأولاد المستدعى لإفناء النسل ذكر النهي عن الزنا المفضى إلى ذلك لما فيه من اختلاط الأنساب فقال (ولا تقربوا الزنى) وفى النهي عن قربانه بمباشرة مقدماته نهى عنه بالأولى، فإن الوسيلة إلى الشئ إذا كانت حراما كان المتوسل إليه حراما بفحوى الخطاب، والزنى فيه لغتان: المد، والقصر. قال الشاعر:
* كانت فريضة ما تقول كما * كان الزناء فريضة الرجم ثم علل النهي عن الزنا بقوله (إن كان فاحشة) أي قبيحا متبالغا في القبح مجاوزا للحد (وساء سبيلا) أي بئس طريقا طريقه، وذلك لأنه يؤدي إلى النار، ولا خلاف في كونه من كبائر الذنوب. وقد ورد في تقبيحه والتنفير عنه من الأدلة ما هو معلوم، ولما فرغ من ذكر النهي عن القتل لخصوص الأولاد وعن النهي عن الزنا الذي يفضي إلى ما يفضى إليه قتل الأولاد من اختلاط الأنساب وعدم استقرارها نهى عن قتل الأنفس المعصومة على العموم فقال (ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق) والمراد بالتي حرم الله التي جعلها معصومة بعصمة الدين أو عصمة العهد، والمراد بالحق الذي استثناه هو ما يباح به قتل الأنفس المعصومة في الأصل، وذلك كالردة والزنا من المحصن، وكالقصاص من القاتل عمدا عدوانا وما يلتحق بذلك والاستثناء مفرغ: أي لا تقتلوها بسبب من الأسباب إلا بسبب متلبس بالحق أو إلا متلبسين بالحق، وقد تقدم الكلام في هذا في الأنعام. ثم بين حكم بعض المقتولين بغير حق فقال (ومن قتل مظلوما) أي لا بسبب من الأسباب المسوغة لقتله شرعا (فقد جعلنا لوليه سلطانا) أي لمن يلي أمره من ورثته إن كانوا موجودين، أو ممن له سلطان إن لم يكونوا موجودين، والسلطان التسلط على القاتل إن شاء قتل وإن شاء عفا وإن شاء أخذ الدية، ثم لما بين إباحة القصاص لمن هو مستحق لدم المقتول. أو ما هو عوض عن القصاص نهاه عن مجاوزة الحد فقال (فلا يسرف في القتل) أي لا يجاوز ما أباحه الله له فيقتل بالواحد اثنين أو جماعة، أو يمثل بالقاتل أو يعذبه. قرأ الجمهور " لا يسرف " بالياء التحتية: أي الولي وقرأ حمزة والكسائي " تسرف " بالتاء الفوقية. وهو خطاب للقاتل الأول، ونهى له عن القتل: أي فلا تسرف أيها القاتل بالقتل فإن عليك القصاص مع ما عليك من عقوبة الله وسخطه ولعنته. وقال ابن جرير: الخطاب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وللأئمة من بعده: أي لا تقتل يا محمد غير القاتل ولا يفعل ذلك الأئمة بعدك. وفى قراءة أبي " ولا تسرفوا " ثم علل النهي عن السرف فقال (إنه كان منصورا) أي مؤيدا معانا: يعني الولي، فإن الله سبحانه قد نصره بإثبات القصاص له بما أبرزه من الحجج، وأوضحه من الأدلة، وأمر أهل الولايات بمعونته والقيام بحقه حتى يستوفيه، ويجوز أن يكون الضمير راجعا إلى المقتول: أي إن الله نصره بوليه، قيل وهذه الآية من أول ما نزل من القرآن في شأن القتل لأنها مكية.
وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله (إن تكونوا صالحين) قال:
تكون البادرة من الولد إلى الوالد، فقال الله: إن تكونوا صالحين إن تكن النية صادقة (فإنه كان للأوابين غفورا) للبادرة التي بدرت منه. وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في الشعب عنه في قوله (إنه كان للأوابين غفورا) قال:
الرجاعين إلى الخير. وأخرج سعيد بن منصور وهناد وابن أبي حاتم والبيهقي عن الضحاك في الآية قال: الرجاعين