الفراء: أراد فاصدع بالأمر: أي أظهر دينك فما مع الفعل على هذا بمنزلة المصدر: وقال ابن الأعرابي: معنى اصدع بما تؤمر: أي اقصد، وقيل فاصدع بما تؤمر: أي فرق جمعهم وكلمتهم بأن تدعوهم إلى التوحيد فإنهم يتفرقون، والأولى أن الصدع الإظهار، كما قاله الزجاج والفراء وغيرهم. قال النحويون: المعنى بما تؤمر به من الشرائع، وجوزوا أن تكون مصدرية: أي بأمرك وشأنك. قال الواحدي: قال المفسرون: أي اجهر بالأمر:
أي بأمرك بعد إظهار الدعوة، وما زال النبي صلى الله عليه وآله وسلم مستخفيا حتى نزلت هذه الآية، ثم أمره سبحانه بعد أمره بالصدع بالإعراض وعدم الالتفات إلى المشركين، فقال (وأعرض عن المشركين) أي لا تبال بهم ولا تلتفت إليهم إذا لاموك قد على إظهار الدعوة، ثم أكد هذا الأمر وثبت قلب رسوله بقوله (إنا كفيناك المستهزئين) مع كونهم كانوا من أكابر الكفار، وأهل الشوكة فيهم فإذا كفاه الله أمرهم بقمعهم وتدميرهم كفاه أمر من هو دونهم بالأولى، وهؤلاء المستهزئون كانوا خمسة من رؤساء أهل مكة: الوليد بن المغيرة، والعاص بن وائل والأسود بن المطلب بن الحرث بن زمعة، والأسود بن عبد يغوث، والحرث بن الطلاطلة. كذا قال القرطبي ووافقه غيره من المفسرين. وقد أهلكهم الله جميعا وكفاهم أمرهم في يوم واحد، ثم وصف هؤلاء المستهزئين بالشرك فقال (الذين يجعلون مع الله إلها آخر) فلم يكن ذنبهم مجرد الاستهزاء، بل لهم ذنب آخر وهو الشرك بالله سبحانه، ثم توعدهم فقال (فسوف يعلمون) كيف عاقبتهم في الآخرة وما يصيبهم من عقوبة الله سبحانه، ثم ذكر تسلية أخرى لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد التسلية الأولى بكفايته شرهم ودفعه لمكرهم فقال (ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون) من الأقوال الكفرية المتضمنة للطعن على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالسحر والجنون والكهانة والكذب، وقد كان يحصل ذلك مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمقتضى الجبلة البشرية والمزاج الإنساني، ثم أمره سبحانه بأن يفزع لكشف ما نابه من ضيق الصدر إلى تسبيح الله سبحانه وحمده فقال (فسبح بحمد ربك) أي متلبسا بحمده: أي افعل التسبيح المتلبس بالحمد (وكن من الساجدين) أي المصلين فإنك إذا فعلت ذلك كشف الله همك وأذهب غمك وشرح صدرك، ثم أمره بعبادة ربه: أي بالدوام عليها إلى غاية هي قوله (حتى يأتيك اليقين) أي الموت. قال الواحدي. قال جماعة المفسرين: يعنى الموت لأنه موقن به. قال الزجاج المعنى أعبد ربك أبدا، لأنه لو قيل اعبد ربك بغير توقيت لجاز إذا عبد الإنسان مرة أن يكون مطيعا، فإذا قال حتى يأتيك اليقين، فقد أمره بالإقامة على العبادة أبدا ما دام حيا.
وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر عن عمر في قوله (ولقد آتيناك سبعا من المثاني) قال: السبع المثاني فاتحة الكتاب. وأخرجه سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والدارقطني وابن مردويه والبيهقي من طرق عن علي بمثله. وأخرجه ابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن ابن مسعود مثله وزاد: والقرآن العظيم سائر القرآن. وأخرج ابن جرير وابن المنذر والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس في الآية قال: فاتحة الكتاب استثناها الله لأمة محمد. فرفعها في أم الكتاب فادخرها لهم حتى أخرجها ولم يعطها أحد قبل، قيل فأين الآية السابعة؟ قال: بسم الله الرحمن الرحيم. وروى عنه نحو هذا من طرق. وأخرج ابن الضريس وأبو الشيخ وابن مردويه عن أبي هريرة قال: السبع المثاني فاتحة الكتاب. وأخرج ابن جرير عن أبي بن كعب قال: السبع المثاني الحمد لله رب العالمين. وروى نحو قول هؤلاء الصحابة عن جماعة من التابعين.
وقد ثبت في صحيح البخاري من حديث أبي سعيد بن المعلى أنه قال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم " ألا أعلمك أفضل سورة قبل أن أخرج من المسجد، فذهب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليخرج فذكرت، فقال: الحمد