إلى سرعة الأمر، فسأل الله آية يستدل بها على قرب ما من به عليه، وقيل طلب آية تدله على أن البشرى من الله سبحانه لا من الشيطان، لأن إبليس أوهمه بذلك، كذا قال الضحاك والسدي وهو بعيد جدا (قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا) قد تقدم تفسير هذا في آل عمران مستوفى، وانتصاب سويا على الحال، والمعنى: آيتك أن لا تقدر على الكلام والحال أنك سوي الخلق ليس بك آفة تمنعك منه، وقد دل بذكر الليالي هنا والأيام في آل عمران أن المراد ثلاثة أيام ولياليهن (فخرج على قومه من المحراب) وهو مصلاه، واشتقاقه من الحرب.
كأن ملازمه يحارب الشيطان، وقيل من الحرب محركا، كأنه ملازمه يلقى حربا وتعبا ونصبا (فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا) قيل معنى أوحى: أومأ بدليل قوله في آل عمران - إلا رمزا -، وقيل كتب لهم في الأرض وبالأول قال الكلبي والقرظي وقتادة وابن منبه، وبالثاني قال مجاهد، وقد يطلق الوحي على الكتابة ومنه قول ذي الرمة:
سوى الأربع الدهم اللواتي كأنها * بقية وحى في بطون الصحائف وقال عنترة: * كوحى وفي صحائف من عهد كسرى * فأهداها لأعجم طمطمي و " أن " في قوله (أن سبحوا) مصدرية أو مفسرة، والمعنى: فأوحى إليهم بأن صلوا: أو أي صلوا، وانتصاب بكرة وعشيا على الظرفية. قال الفراء: العشي يؤنث، ويجوز تذكيره إذا أبهم. قال: وقد يقال العشي جمع عشية، قيل والمراد صلاة الفجر والعصر، وقيل المراد بالتسبيح هو قولهم سبحان الله في الوقتين: أي نزهوا ربكم طرفي النهار.
وقد أخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات والضياء في المختارة عن ابن عباس في قوله (كهيعص) كبير هاد أمين عزيز صادق، وفى لفظ كاف بدل كبير. وأخرج عبد الرزاق وآدم بن أبي إياس وعثمان بن سعيد الدارمي في التوحيد، وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس (كهيعص) قال: كاف من كريم، وهاء من هاد، وياء من حكيم، وعين من عليم، وصاد من صادق. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود وناس من الصحابة (كهيعص) هو الهجاء المقطع، الكاف من الملك، والهاء من الله، والياء والعين من العزيز، والصاد من المصور. وأخرج ابن مردويه عن الكلبي أنه سئل عن (كهيعص) فحدث عن أبي صالح عن أم هانئ عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال " كاف هاد عالم صادق ". وأخرج عثمان بن سعيد الدارمي وابن ماجة وابن جرير عن فاطمة ابنة علي قالت: كان علي يقول يا كهيعص اغفر لي. وأخرج أبو الشيخ في العظمة وابن مردويه من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في (كهيعص) قال: الكاف الكافي، والهاء الهادي، والعين العالم، والصاد الصادق. وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن السدى قال: كان ابن عباس يقول في كهيعص وحم ويس وأشباه هذا: هو اسم الله الأعظم. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: هو قسم أقسم الله به، وهو من أسماء الله.
وكما وقع الخلاف في هذا وأمثاله بين الصحابة وقع بين من بعدهم ولم يصح مرفوعا في ذلك شئ. ومن روى عنه من الصحابة في ذلك شئ فقد روى عن غيره ما يخالفه وقد يروى عن الصحابي نفسه التفاسير المتخالفة المتناقضة في هذه الفواتح فلا يقوم شئ من ذلك حجة، بل الحق الوقف، ورد العلم في مثلها إلى الله سبحانه.
وقد قدمنا تحقيق هذا في فاتحة سورة البقرة. وأخرج أحمد وأبو يعلى والحاكم وصححه وابن مردويه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال " كان زكريا نجارا ". وأخرج الحاكم وصححه عن ابن مسعود قال: كان