القوم وأخبتوا حين سمعوا منه ما سمعوا وأجابوه. وأخرج الواقدي وابن عساكر من طريق عامر بن سعد عن أبيه قال: كانت سارة تحت إبراهيم، فمكثت تحته دهرا لا ترزق منه ولدا، فلما رأت ذلك وهبت له هاجر أمة لها قبطية، فولدت له إسماعيل، فغارت من ذلك سارة ووجدت في نفسها وعتبت على هاجر، فحلفت أن تقطع منها ثلاثة أطراف، فقال لها إبراهيم: هل لك أن تبرى يمينك؟ قالت: كيف أصنع؟ قال: اثقبي أذنيها واخفضيها، والخفض: هو الختان، ففعلت ذلك بها فوضعت هاجر في أذنيها قرطين فازدادت بهما حسنا.
فقالت سارة: أراني إنما زدتها جمالا فلم تقاره على كونه معها ووجد بها إبراهيم وجدا شديدا، فنقلها إلى مكة فكان يزورها في كل يوم من الشام على البراق من شغفه بها وقلة صبره عنها. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله (إني أسكنت من ذريتي) قال: أسكن إسماعيل وأمه مكة. وأخرج ابن المنذر عنه قال: إن إبراهيم حين قال (فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم) لو قال أفئدة الناس تهوى إليهم لازدحمت عليه فارس والروم. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحكم قال: سألت عكرمة وطاوسا وعطاء بن أبي رباح عن هذه الآية (فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم فقالوا البيت تهوى إليه قلوبهم يأتونه، وفى لفظ قالوا هواهم إلى مكة أن يحجوا. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله (تهوى إليهم) قال: تنزع إليهم.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن محمد بن مسلم الطائفي أن إبراهيم لما دعا للحرم (وارزق أهله من الثمرات) نقل الله الطائف من فلسطين. وأخرج ابن أبي حاتم عن الزهري قال " إن الله نقل قرية من قرى الشام فوضعها بالطائف لدعوة إبراهيم ". وأخرج ابن جرير وابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان قال السيوطي بسند حسن عن ابن عباس قالوا: لو كان إبراهيم عليه السلام قال فاجعل أفئدة الناس تهوى إليهم لحج اليهود والنصارى والناس كلهم، ولكنه قال أفئدة من الناس فخص به المؤمنين. وأخرج ابن أبي حاتم عنه في قوله (ما نخفى وما نعلن) قال: من الحزن. وأخرج ابن أبي حاتم عن إبراهيم النخعي في قوله (ربنا إنك تعلم ما نخفى) قال: من حب إسماعيل وأمه (وما نعلن) قال: ما نظهر لسارة من الجفاء لهما. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله (الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق) قال: هذا بعد ذلك بحين. وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير قال: بشر إبراهيم بعد سبع عشرة سنة ومائة سنة.
سورة إبراهيم الآية (42 - 46) قوله (ولا تحسبن خطاب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهو تعريض لأمته. فكأنه قال: ولا تحسب أمتك