أحاديث في كون العسل شفاء: منها ما أخرجه البخاري من حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله سلم قال " الشفاء في ثلاثة في شرطة محجم أو شربة عسل أو كية بنار وأنا أنهى أمتي عن الكي ". وأخرج البخاري ومسلم وغيرها من حديث أبي سعيد " أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله إن أخي استطلق بطنه، فقال: اسقه عسلا فسقاه عسلا، ثم جاء فقال: سقيته عسلا فما زاده إلا استطلاقا، قال اذهب فاسقه عسلا فذهب فسقاه، ثم جاء فقال: ما زاده إلا استطلاقا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: صدق الله وكذب بطن أخيك اذهب فاسقه عسلا، فذهب فسقاه عسلا فبرأ ".
سورة النحل الآية (70 - 74).
لما ذكر سبحانه بعض أحوال الحيوان وما فيها من عجائب الصنعة الباهرة، وخصائص القدرة القاهرة، أتبعه بعجائب خلق الإنسان وما فيه من العبر فقال (والله خلقكم) ولم تكونوا شيئا (ثم يتوفاكم) عند انقضاء آجالكم (ومنكم من يرد إلى أرذل العمر) يقال رذل يرذل رذالة، والأرذل والرذالة أرادأ الشئ وأوضعه.
قال النيسابوري: واعلم أن العقلاء ضبطوا مراتب عمر الإنسان في أربع: أولاها سن النشوء. وثانيها سن الوقوف وهو سن الشباب. وثالثها سن الانحطاط اليسير، وهو سن الكهولة. ورابعها سن الانحطاط الظاهر، وهو سن الشيخوخة. قيل وأرذل العمر هو عند أن يصير الإنسان إلى الخرف، وهو أن يصير بمنزلة الصبي الذي لا عقل له، وقيل خمس وسبعون سنة، وقيل تسعون سنة، ومثل هذه الآية قوله سبحانه - لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين - ثم علل سبحانه رد من يرده إلى أرذل العمر بقوله (لكيلا يعلم بعد علم) كان قد حصل له (شيئا) من العلم لا كثيرا ولا قليلا أو شيئا من المعلومات إذا كان العلم هنا بمعنى المعلوم، وقيل المراد بالعلم هنا العقل، وقيل المراد لئلا يعلم زيادة على علمه الذي قد حصل له قبل ذلك. ثم لما بين سبحانه خلق الإنسان وتقلبه في أطوار العمر ذكر طرفا من أحواله لعله يتذكر عند ذلك فقال (والله فضل بعضكم على بعض في الرزق) فجعلكم متفاوتين فيه فوسع على بعض عباده حتى جعل له من الرزق ما يكفي ألوفا مؤلفة من بني آدم، وضيقه على بعض عباده حتى صار لا يجد القوت إلا بسؤال الناس والتكفف لهم، وذلك لحكمة بالغة تقصر عقول العباد عن تعقلها والاطلاع على حقيقة أسبابها، وكما جعل التفاوت بين عباده في المال جعله بينهم في العقل